للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عَلِيٍّ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي أَجْهَضَتْ بِفَزَعِهَا بِإِرْسَالِ عُمَرَ إِلَيْهَا: أَمَّا الْمَأْثَمُ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُنْحَطًّا عَنْكَ وَأَرَى عَلَيْكَ الدِّيَةَ، فَقَالَ لَهُ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَبْرَحَ حَتَّى تَضْرِبَهَا عَلَى بَنِي عَدِيٍّ - يَعْنِي قَوْمَهُ - وَأَلْحَقَهُ عُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِالْمُؤَدِّبِ، وَقَالَا: إِنَّمَا أَنْتَ مُؤَدِّبٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ (١) .

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ; لَمَّا وَرَّثَ زَيْدٌ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي مَسْأَلَةِ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ أَيْنَ: (وَجَدْتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ثُلُثَ مَا بَقِيَ؟) فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: أَقُولُ بِرَأْيِي وَتَقُولُ بِرَأْيِكَ (٢) .

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَدِّ (أَلَا يَتَّقِي اللَّهَ زَيْدٌ يَجْعَلُ ابْنَ الِابْنِ ابْنًا وَلَا يَجْعَلُ أَبَا الْأَبِ أَبًا) .

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُفَوَّضَةِ بِرَأْيِهِ بَعْدَ أَنِ اسْتَمْهَلَ شَهْرًا، وَأَنَّهُ كَانَ يُوصِي مَنْ يَلِي الْقَضَاءَ بِالرَّأْيِ وَيَقُولُ: (لَا ضَيْرَ فِي الْقَضَاءِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَضَايَا الصَّالِحِينَ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَاجْتَهِدْ رَأْيَكَ) .

وَمِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي الْجَدِّ حَتَّى أَلْحَقَهُ بَعْضُهُمْ بِالْأَبِ فِي إِسْقَاطِ الْأُخُوَّةِ وَأَلْحَقَهُ بَعْضُهُمْ بِالْأُخُوَّةِ.


(١) أَثَرُ عُمَرَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأَجْهَضَتْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحَسَنُ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ فَالْأَثَرُ مُنْقَطِعٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَالْخِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فِي تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ، فَطَبَّقَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ ضَابِطَ قَتْلِ الْخَطَأِ وَلَمْ يَعْذُرْهُ بِمَا لَهُ مِنْ حَقِّ التَّأْدِيبِ، وَرَأَى غَيْرُهُ أَنَّ مَا لَهُ مِنْ حَقِّ التَّأْدِيبِ يُعْفِيهِ مِنَ الدِّيَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْقِيَاسِ فِي شَيْءٍ - انْظُرْ كِتَابَ الدِّيَاتِ مِنْ تَلْخِيصِ الْحَبِيرِ.
(٢) أَقُولُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ أَنَّ زَيْدًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَقُولُ بِرَأْيِي وَتَقُولُ بِرَأْيِكَ، لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْقِيَاسَ بَلِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) وَبِحَدِيثِ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا. . . إِلَخْ وَالْجُمْهُورُ اسْتَدَلَّ بِمَا فُهِمَ مِنِ اسْتِقْرَاءِ النُّصُوصِ مِنْ أَنَّ الْأُنْثَى إِذَا كَانَتْ فِي دَرَجَةِ الذَّكَرِ يَكُونُ حَظُّهَا مِنَ الْإِرْثِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ حَظِّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>