للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو العباس المغربي التونسي، المشهور بالتباسي - بفتح المثناة فوق وتشديد الموحدة، - ويقال: الدباسي - بالدال - المالكي، وهو شيخ سيدي علي بن ميمون - رحمه الله تعالى - كان والده من أهل الثروة والنعمة، فلم يلتفت إلى ذلك. بل خرج عن ماله وبلاده، وتوجه إلى سيدي أبي العباس أحمد بن مخلوف الشابي - بالمعجمة والموحدة - الهدلي القيرواني والد سيدي عرفة، فخدمه وأخذ عنه الطريق، وكان سيدي أحمد بن مخلوف من أكابر الأولياء، ومن مناقبه أن الشيخ أبا الفتح الهندي لما توجه إلى المغرب يقصد زيارة الشيخ أبي مدين كشف له في بعض بلاد الله تعالى عن شجرة مكتوب على أوراقها: لا إله إلا الله محمد رسول الله الشابي ولي الله، ثم آل أمره إلى أن صحبه، وفتح للشابي على يديه، فلازم التباسي خدمته حتى فتح له، وصار من كبار العارفين، وكان ينفق من الغيب، ولم يقرأ من القرآن إلا سورة يوسف، ومع ذلك كان إذا تكلم في الطريق يستحضر من البقرة إلى الجنة والناس، وكان يستحضر نصوص المدونة للإمام مالك رضي الله تعالى عنه - قال سيدي علي بن ميمون رضي الله تعالى عنه: دخلت عليه فوجدته يقرأ رسالة ابن أبي زيد على مقتضى ظاهر الشرع، وباطن الطريق حتى قلت في نفسي: هذا هو التقرير أو كما قال: قال: سيدي محمد ابن الشيخ علوان الحموي في كتابه " تحفة الحبيب " وكان مما بلغنا إذا أشكل على جهابذة المحققين من أعيان المدرسين من علماء ناحيته شيء في مسألة من مسائل العلوم الظاهرة يرسلون إليه، فيوضحها ويقررها على أحسن ما يكون، ولم يمت حتى كتب على خديه بقلم نوراني " رحمه الله " فكان لفظ رحمه مكتوباً على خده الأيمن والجلالة على الأيسر، وكانت هذه الكتابة واضحة يقرأها كل من يدرك القراءة إذا قرب من الشيخ. قال: ومن غريب ما بلغنا من بعض الثقات أن الشيخ حصل له مرض، فاحتاج إلى النقلة من محل إلى آخر، فنادى أربعة أنفار من أصحابه ليحملوه، وكان مستلقياً على نحو بساط، فقام كل من الأنفار الأربعة عند طرف من أطرافه، فلم يستطيعوا رفعه، فاستدعى بأربعة معهم، فلما كملت عدتهم ثمانية خف عليهم حتى حملوه، ونقلوه لسر إلهي، ونقل والده سيدي الشيخ علوان - رضي الله تعالى عنه - عن الشيخ مسعود الصنهاجي وكان من أصحاب التباسي أن رجلاً كانت منه نظرة لأجنبية فدخل على الشيخ فاستطرد الشيخ في الكلام، ثم قال: ما قرأ أحدهم يدخل علينا، وعينه تقطر من الزنا، فاعترف صاحب الذنب بعد وجل الباقين. وكانت وفاة التباسي - رضي الله تعالى عنه - بنفزاوة - بالنون والفاء والزاي - في ذي القعدة سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>