الشيخ شمس الدين القويضي، الدمشقي الحنفي الطبيب. أخذ الطب عن الرئيس خشمش الصالحي، وكان أستاذاً في الطب، وكان يذهب إلى الفقراء في منازلهم ويعالجهم ويفاقرهم، وربما لم يأخذ من بعضهم شيئاً، وقد يعطي الدواء من عنده، ويركبه من كيسه، وكان في آخر أمره يتلو القرآن في ذهابه وإيابه من الصالحية إلى دمشق، وكان ساكناً بالقرب من الجامع الجديد بسفح قاسيون، وكان حسن المحاضرة، جميل المذاكرة، وله شعر وسط انقطع أياماً، ثم توفي يوم الأحد ثامن عشر جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وتسعمائة، وصلي عليه بالجامع الجديد، وتأسف الناس عليه، وكانت جنازته حافلة، ودفن تجاه تربة السبكيين شمالي السفح.
[عبد القادر بن سعيد]
عبد القادر بن أبي بكر بن سعيد، الشيخ محيي الدين الحلبي، الشافعي، المشهور بابن سعيد، كان جده سعيد هذا يهودياً، فأسلم واشتغل صاحب الترجمة بالعلم في حلب على العلاء الموصلي، ومنلا حبيب الله العجمي، وأخذ عن الكمال بن أبي شريف ببيت المقدس، وكان ذا همة عالية في النسخ حتى كتب البخاري وما دونه في القدر، ورحل إلى دمشق والقاهرة. قال ابن طولون: قدم دمشق إماماً لقصروه نائب حلب، وقرأ عليه صاحبنا العلامة القاضي نجم الدين الزهيري المتوفى قبله، وكانت له شهرة ولديه رئاسة، ثم عاد إلى حلب، وصار مفتي دار العدل بها في الدولة الجركسية، ثم ولي المناصب في الدولة العثمانية مشيخة التغري، ورمشية ومشيخة الزينبيه ونظرها، ونظر جامع الأطروش. قال ابن الحنبلي: وتعاظم على الشيخ علاء الدين الموصلي، فبلغه أنه صحف كلمة يشبه في المنهاج الفرعي من الشوب، وهو الخلط بلفظة يشبه من الشبه، وحمل ما ذكره الشيخ البيضاوي في قوله تعالى:" فسحقاً لأصحاب السعير " سورة الملك: الآية ٦٧ - ١١ من قراءة التثقيل على تشديد القاف مع ضم الحاء مع أن المراد بها مجرد ضم الحاء من غير تشديد القاف فهجاه بقوله:
يا سائلي عن جهول ... يتيه في الجهل حمقا
لم يدر بين يشبه ... وبين يشبه فرقا
وخالف الله فيما ... أبداه في الذكر حقا
وقال فيه سحقاً ... سحقاً له ثم سحقا
مات سنة أربع وثلاثين وتسعمائة بحلب، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة خامس شعبان منها.