فأعجب لمن عيشه ظن وموتته ... حتم وتلقاه كالمسروب في البلد
ما زلت في نكد من حين مر على ... سمعي بأن خلق الإنسان في كبد
دنيا وإن لم تكن مثل البعوضة في ... التحقير يدمي قذاها مقلة الأسد
والناس في هذه الدنيا مآربهم ... شتى وهم من سبيل الموت في جدد
فعد من آدم باد من عدد ... لم تغنهم كثرة الأموال والعدد
سقى المنون لبيداً كاس آبد ... وانتضى للقمان ما أمضاه في لبد
ما دار تخليد هذي الدار في خلد ... سل دار مية بالعياء فالسند
وكم قصور عوال لا قصور بها ... أقوت وطال عليها سالف الأمد
ما رد عن ما رد كف الردى عمد ... بل رد غمدان سيف منه في غمد
يا راصد النجم يرجو سعدها ويخاف ... النحس وعين الموت بالرصد
لا بد أن يغمس المقدار مديته ... في لبهه الجدي أو في جبهة الأسد
تخون كف ثرياها جوانحها ... ويسلم العقد جوزاها إلى البدد
ويجمع القمران النيران فلا ... مساء ليل غدا يأتي بصبح غد
لهفي عليك أبا بكر إذا احتجب اله ... لال للصوم واحتاجوا إلى العدد
لهفي عليك لتقويم برعت به ... فأحتاج بعدك للتقويم من أود
قد كنت قمت بعلم النجم منفرداً ... بطالع فيه بالإسعاد منفرد
تبكيه بالنوء أحداق النجوم فللمر ... يخ عين قد احمرت من الرمد
وفكها لك طرف جد منتكب ... وكل مالك قلب جد متقد
لو كان للشمس حكم في تصرفها ... غابت وبعدك لم تطلع على أحد
[أبو بكر بن أحمد الحلبي الجلومي]
أبو بكر بن أحمد بن محمد بن سالم بن عبد الله الشيخ تقي الدين الحلبي الجلومي الشافعي العطار، خطيب الجامع المقابل لحمام الخواجا بحلب، كان شاعراً حسن الخط ملماً بشيء من العروض، وجمع له ديواناً، وسماه نسمة الصبا، من نظم الصبا ثم زاد عليه وسمى المجموع شراب الفتوح، وغذاء الروح، وجعل في طيه مقاطيع سماها عطر العروس، وحج وزار بيت المقدس ومن شعره وأنشده في أول ديوانه:
يا ذا الذي أبصر ما ... أبرزته من فكرتي
إذا وجدت خللاً ... بالله فاغفر زلتي
وكن رحيماً منصفاً ... وادع لنا بتوبة