وكان يزعم المدح، والهجاء، ويضحك الناس منه، ومما يقول، وهو لا يدري شيئاً.
مدح شيخ الإسلام الوالد فقال:
ألف ألف سلام وأذكى تحيه ... على الشيخ بدر الدين بن الرضي الغزي
يتفجر العلم من حلقه ولسانه ... كما يتفجر الماء من الحجر المزي
فما أنت متكبر ولا متجبر ولا أحمق ... يا ابن الرضي الغزي يا غزي
فلما أنشدها للشيخ الوالد، ضحك الشيخ الوالد حتى استغرب، ثم أجازه، وذكره ابن الحنبلي في تاريخه، وقال: إنه معتوق المحب بن أجا، وقال إنه صالح له نوع تعبد واشتغال بالعلم قطن دمشق، وتولى النظر على تربة الست في حلب الجاري وقفها بسوق الصابون، ثم عزل عنه مات قانصوه سنة سبع وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ودفن بمقبرة الشيخ أرسلان رحمه الله تعالى.
[قانصوه الغزاوي]
قانصوه بن مساعد بن مسلم الغزاوي أمير عجلون، والكرك، وأمير الحاج الشامي نحو خمس عشرة سنة. كان من أحسن الأمراء سيرة، وكان من يحج في زمانه يستريح في سفره، وكانت العرب تطيعه وتخافه، فيحصل للحجاج الأمن والراحة، وهو في نفسه كان حسن النية، وكان يبخل لكنه عمر مسجد هشام جوار سوق جقمق، وتبرع من ماله للجامع الأموي وغيره، وصاهر من أكابر التجار بعضهم، وكان الناس يبتهجون به أيام حركة الحج بدمشق ذهاباً وإياباً، ولما دخل إبراهيم باشا الوزير بلاد الشام من جهة مصر، وغزا الدروز، وظهرت منه تلك الحركة لم يحضر عليه قانصوه، فلما دخل إسلام بول سود عليه، وعرض على السلطان مراد خان أنه عصى، فورد أمر سلطاني إلى علي باشا ابن علوان نائب الشام بالقبض عليه، فقبض عليه في طريق الحاج عائداً من الحج، ثم أحضر إلى دمشق مع الركب، واستودع القلعة مدة، وذلك في سنة أربع وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة، ثم توجه علي باشا بنفسه، ومعه قانصوه مقيداً في تخت روان، ومعه الأمير