عنده في أنواع العمائر، وكانت وفاته في ليلة الأحد رابع عشر شعبان سنة ست وستين وتسعمائة، وصلي عليه قبيل الظهر في الجامع الأموي، ودفن بالقلندرية بمقبرة باب الصغير وكان له جنازة عظيمة حملها الأكابر منهم قاضي القضاة ابن المفتي المولى أبي السعود وقيل: إنه غسله مع من غسله، وترك بنتاً عمرها فيما قيل سبع سنوات، وابناً عمره سنة، ولم يولد له في جميع عمره سواهما، ومات وله من العمر أربع وسبعون سنة.
[أحمد بن عبد الحق السنباطي]
أحمد بن عبد الحق بن محمد، الشيخ الإمام العالم العلامة، الشيخ شهاب الدين ابن الشيخ عبد الحق السنباطي، المصري، الشافعي الواعظ بجامع الأزهر. أخذه عن والد وغيره، وكان معه بمكة في مجاورته بها سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، ووعظ بالمسجد الحرام في حياة أبيه، وفتح عليه في الوعظ حينئذ، وهو الذي تقدم للصلاة على والده حين توفي بمكة المشرفة كما تقدم، وقال الشعراوي: لم نر أحداً من الوعاظ. أقبل عليه الخلائق مثله، وكان إذا نزل من فوق الكرسي يقتتل الناس عليه. قال: وكان مفنناً في العلوم الشرعية، وله الباع الطويل في الخلاف، ومعرفة مذاهب المجتهدين، وكان من رؤوس أهل السنة والجماعة، وكان قد اشتهر في أقطار الأرض كالشام، والحجاز، واليمن، والروم، وصاروا يضربون به المثل، وأذعنوا له علماء مصر الخاص منهم، والعام. وذكر ابن طولون أنه ولي تدريس الخشابية بمصر بعد الشيخ الضيروطي، وهي مشروطة لاعلم علماء الشافعية كالشامية البرانية بدمشق، وعمل له الحسد النكاية عند نواب مصر، ونجاه الله تعالى، وهدم كذا كذا كنيسة وبيعة. قلت: وكان - رحمه الله تعالى - يشدد في قهوة البن، ويقول بتحريمها، وتبعه جماعة من طلبة العلم بمصر كما كان والده شيخنا الشيخ يونس العيثاوي يشدد فيها بدمشق، وتبعه بعض جماعة من طلبة العلم بها حتى ضمنها بعض مؤلفاته، ثم انعقد الآن الاجماع على حلها في ذاتها، وأما في الإجتماع على إدارتها كالخمر، وضرب الآلات عليها، وتناولها من المرد الحسان مع النظر إليهم، وغمز بعض أعقابهم، فلا شبهة في تحريمه، وكانت وفاة الشيخ شهاب الدين ابن عبد الحق في أواخر صفر سنة خمسين وتسعمائة. قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: ولما مات أظلمت مصر لموته، وانهدم ركن عظيم من الدين. قال: وما رأيت في عمري كله أكثر خلقاً من جنازته إلا جنازة الشيخ شهاب الدين الرملي لكونهم صلوا عليه في الجامع الأزهر يوم الجمعة، وصلي عليه غائبة في جامع دمشق يوم الجمعة ثاني عشري ربيع الأول سنة خمسين المذكورة رحمه الله تعالى.