للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشروطة لأعلم علماء الشافعية، وأنا مدرسها، فأنا أعلمهم. قيل: وكان مسرحاً. وكان يحلف بالطلاق كثيراً، ويخالف إلى ما يحلف عنه.

وحدثني غير واحد أنه كان يقول: عليّ التلاق بالتاء وهذا وإن كان صحيح التأويل إلا أنه لا يليق بمثله، فإنه يتابعه العوام، ويترتب عليه عبثهم بحلف الطلاق، وعلم اعتباره، وكن شريكاً للشيخ شهاب الدين الذيبي في إمامة المقصورة بالأموي، وكان يصلي في رمضان العشاء والتراويح بالمقصورة الشافعي ليلة، والحنفي ليلة، وكان الفلوجي يطيل في نوبته، فتضجر منه بعض الحكام، ومنع الشافعية من صلاة التراويح بالمقصورة، ثم عزل عن الإمامة بسبب طعنه في بعض القضاة، ووجهت للشيخ شهاب الدين الأيدوني، ثم استكتب جماعة من العلماء محضراً بأنه أحق من الأيدوني، فأعيدت إليه إمامة المقصورة بعد أن أعطي إمامة الأولى، وجمع له بينهما، وكان والده سمساراً في القماش، وفتح عليه وعلى أخيه بالعلم، وأعقب ولدين ذكرين لم يشتغلا في العلم، بل كانا من السباهية مكبين على الجهل، وعدم الاستقامة، وكانت وفاته يوم الخميس رابع صفر سنة إحدى وثمانين وتسعمائة، ودفن من الغد بعد صلاة الجمعة بباب الصغير، وأوصى أن تحمل جنازته إلى زاوية الشيخ الوالد بالأموي ليصلي عليه، فحملت وخرج الشيخ ليدركه، فتلاقى والجنازة في صحن الجامع، فصلى عليه، واقتدى الناس به، وأنا مدرك ذلك إدراكاً واضحاً، وأنا ابن أربع سنوات. وحدثني خالي الزيني عمر بن سبت. قال: سمعت الشيخ بدر الدين يقول حين بلغه موت المذكور: لا إله إلا الله. لقد انطوى بموت الشيخ أحمد الفلوجي علوم كثيرة رحمه الله.

[أحمد بن قاسم العبادي]

أحمد بن قاسم، الشيخ العلامة شهاب الدين العبادي، القاهري الشافعي أحد الشافعيين بمصر. كان بارعاً في العربية والبلاغة والتفسير والكلام. له المصنفات الشهيرة كالحاشية المسماة الآيات البينات، على شرح جمع الجوامع وحاشية على شرح الورقات، وحاشية على شرح المنهج. أخذ العلم عن الشيخ ناصر الدين اللقاني، وعن محقق عصره بمصر الشيخ شهاب الدين البرلسي المعروف بعميرة، وعن العلامة قطب الدين عيسى الإيجي الصفوي نزيل الحرم الشريف المكي، وأخذ عنه الشيخ محمد بن داود المقدسي، وغيره. توفي في سنة أربع وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة عائداً من الحج ودفن بالمدينة المنورة كما قرأ بخط تلميذه ابن داود رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>