القارىء ربع العبادات من المنهاج، ولم يكن له فضيلة في شيء من العلوم غير أنه كان ب الحكام، فتولى نظر القيمرية، ثم ترقى، فصار ناظر الأموي، وحج سنة ستين وتسعمائة، ثم تولى نظر النظار، وحصلت له ولولده السيد محمد محنة وشدة، وسافرا إلى الروم، وصرفا أموالاً كثيرة بسبب مضاهاتهما للقاضي كمال الدين الحمراوي، وولي نظارة السليمية، وعدة أنظار ووظائف، وكان هو وولده يمطلون الناس في معاليمهم حتى قال شيخ الإسلام الوالد له:
أكلت معاليمنا جهرة ... فإما حراماً وإما حلالاً
فان قلت حلاً فاذا ردة ... وإن قلت حراماً أتيت ضلالاً
وهي قصيدة طويلة. وله فيه وفي ولده عدة مقاطيع، وكان السيد تاج الدين يلثغ بالراء، ووقعت لولده محنة اتهم فيها بقتل، فشكا حاله، وبث حزنه للشيخ الوالد، فكان يقول: ظلموا ولدي، واتهموه، ووالله أنه لبغيء مما اتهموه يريد أنه بريء فقال الولد وتلطف:
قد جاءني التاج يوماً ... يقول: أنت غضي
وإن نجلي ندب ... مثل السحاب غوي
قد اتهموه بقتل ... إنه لبغي
يريد رضي، وروي، وبري. فخرج من لثغته خلاف بغيته. مات في سنة تسع التاء المثناة وسبعين بتقديم السين وتسعمائة. كنا علقته من خط بعض العصريين رأيت في بعض تعاليقي بخطي أنة مات يوم السبت ثاني عشري ذي القعدة سنة اثنتين ووتسعمائة، وأنه كان قد انقطع سبع سنين، وبقي في بيته، وأنه دفن في تربة الشيخ أرسلان لصيق ولده السيد محمود رحمه الله تعالى.
[عبيد بن عمر العيثاوي]
عبيد بن عمر الشيخ الفاضل الصالح زين الدين العيثاوي الشافعي. كان ديناً، متقللاً من الدنيا، محافظاً على الأوراد في الصباح، وفي وله قيام في الليل، وغير ذلك من الكتب والإقراء والفوائد، وكان إماماً ثانياً بجامع الميدان الحصا خارج دمشق. ولما قربت وفاته بني له قبراً بتربة الجورة بميدان الحصا، ثم نزل فيه، وتمدد فيه، ثم قام ومضى إلى منزله، وصار يتكلم مع تقي الدين البزه فبينما هو حصلت له حالة شخص فيها ومات، كما قرأته من خط والد شيخنا ليلة الجمعة تاسع عشري صفر سنة ست وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ودفن في القبر الذي حفره لنفسه قبل صلاة الجمعة رحمه الله تعالى.