وشرب قال: وذهبوا بي يريدون مكاناً يستقر فيه أمرهم على ما يصنعون بي، فبينما هم ماشون وأنا معهم في أسوأ حال إذا بجماعة صادفوهم، فتعارفوا، وتسالموا، وفي الجماعة التي لقيناهم شيخ موقر. التفت إلى الجماعة التي أنا معهم، فسماهم بأسمائهم. وقال: يا فاعلون من هذا الذي معكم؟ فقالوا: هذا ضيف معنا فقال الشيخ: نحن أحق بضيافته منكم، وشتمهم، واستخلصني منهم، ثم سار هذا الشيخ هو، وجماعته، وأنا معهم، والشيخ يسكن خاطري، ويقول كيف صار لك حتى وقعت في أيدي هؤلاء الفاعلين الصانعين ما أرادوا إلا قتلك، وأخذ أمتعتك فذكرت له قصتي وسرنا ساعة، واذا نحن صاعدون جبلاً فيه أشجار كثيرة، فانتهينا إلى عين ماء، وإذا جماعة هناك قاموا إلى لقائنا، وصافحوا ذلك الشيخ، وقبلوا يده، وسلموا على من معه، ثم جلس في أوسطهم، وقعدوا يذكرون الله تعالى، ويتذاكرون إلى الصباح، فتوضأوا، وصلى ذلك الشيخ الفجر بهم إماماً، ثم ودع بعضهم بعضاً، ورجع الشيخ بجماعته، ومشى بنا نحو ساعة فما تعارفت الوجوه إلا، ونحن بصالحية دمشق، فودعني الشيخ، وقال لي يا ولدي لا تعد إلى مثلها، ولا تطرف بنفسك بعد ذلك، وانصرف، وتفرقت عنه جماعته، فلما فارقنا الشيخ رافقني رجل منهم، فسألته عن الشيخ، وعن المكان الذي كنا نحن فيه فقال لي: هذا هو الشيخ الأيجي، وهذه الصالحية، وبيت الشيخ الأيجي بها، والمكان الذي كنا فيه مصلى الصالحين عند عين العابد من جبل لبنان، وهو عن دمشق مرحلتان، والجماعة التي أخذوك. اللصوص، والشيخ يعرفهم، واحداً واحداً، وقد أنقذك الله تعالى منهم ببركة الشيخ، وهذه القصة من لطائف القصص، وهي كافية في تعريف مقام الشيخ الأيجي، رحمه الله تعالى. وكانت وفاته يوم الجمعة بعد الصلاة عاشر جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ووقف على غسله قاضي القضاة حسين جلبي ابن قرا قاضي قضاة دمشق وصلى عليه بجامع الحنابلة هو، ونائب الشام حسن باشا ابن الوزير محمد باشا، ودفن من الغد بمنزله بسفح قاسيون رحمه الله تعالى رحمة
واسعة..
[محمد بن محمد بن عماد الدين]
محمد بن محمد الشيخ الإمام العلامة، الأوحد المدقق، الفهامة، الشيخ عماد الدين الدمشقي الحنفي العنابي الصالحي الأصل مولده في سنة سبع بتقديم السين وثلاثين وتسعمائة. قرأ في النحو، والعروض، والتجويد على الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين الطيبي المقرئ، والمقولات على الشيخ الإمام العلامة أبي الفتح السبستري وعلى الشيخ الإمام العلامة علاء الدين بن عماد الدين رفيقاً