السبت في الثلاثة أشهر بجامع دمشق الأموي باشر الوعظ نيابة عن الشيخ شرف الدين الحكيم خطيب الجامع سنين، ثم فرغ له عنه، وكان يعظ من الكراريس بعبارة فصيحة، وصوت جهوري مقبول التأدية، حسن الطريقة، وكان يعظ النساء في البيوت، فيقبلن عليه، ويفهمن وعظه، وكان له خط حسن كتب كتباً كثيرة، وألف في الوعظ وغيره مؤلفات منها: الإرشاد إلى الطريق الرشاد وبلوغ المنى في أسباب الغنى، والإشارات إلى أماكن الزيارات وإرشاد الطلاب إلى معاشرة الأحباب. مات ليلة السبت سابع ذي القعدة الحرام سنة ألف رحمه الله تعالى.
[عثمان باشا الوزير]
عثمان باشا الوزير الأعظم مات ببلاد العجم بعد أن فتح أوائل صفر سنة أربع وتسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى.
[علي بن محمد بن حمزة]
علي بن محمد بن حمزة السيد الشريف نقيب الأشراف بدمشق القاضي علاء الدين بن السيد كمال الدين مفتي دار العدل ابن حمزة الحسيني، الشافعي. مولده يوم الخميس سادس ربيع الأول سنة ثمان وتسعمائة أخذ عن والده وغيره، وكان يلازم دروس شيخ الإسلام والدي، ويجلس عن يمينه في الدرس، وكان يتردد إليه كثيراً، ويتودد له، وكان من أذكياء الناس، وكان يبدل القاف همزة. له قبول تام، ومباسطة في الكلام صاحب نكتة ونادرة، لطيف المعاشرة، حلو المحاضرة، ولي عدة أنظار وتداريس، وكان نائباً شافعياً بباب القاضي بعد أن تنقل في النيابة عن القضاء من قناة العوني إلى الكبرى، ومن الدهيناتية إلى الباب، وكان يحكي أن فلاحاً أهدى إليه مرة من سطل لبن، وقال له: يا مولاي القاضي، أنا رجل لم أدرك الأمور الشرعية، ولي عند رجل دين، وهو يجحده، فأحضره في غد، وأنا أطلب منك أن تساعدني عليه، فإني ما دخلت المحكمة قط، وما وقفت بين يدي ظالم. فضحك القاضي حتى استلقى على قفاه، وكان يحكي هذه القصة. وله نوادر ونكت ولطائف من هذا القبيل، وكان يقول: ثلاثة تجلب السرور غسل البلاط الرخام، والأكل في آنية الصيني، والاستصباح بالشمع العسلي. وكان يقول: إن الناس يقولون أن القاضي يأكل. سبحان الله، وإذا لم يأكل يموت يتلطف بالإبهام، فإن معنى قوله: القاضي يأكل الكناية عن الرشوة، وهو يحوله إلى الأكل الحقيقي أي إذا لم يأكل الطعام بالكلية ينتهي أمره إلى الموت، وربما قال: وإذا لم يأكل فكيف يعيش. وتوفي يوم الأحد سابع عشري ذي القعدة الحرام سنة تسع بتقديم التاء المثناة وثمانين وتسعمائة، وقد جاوز الثمانين.