رأيته حاد عن طريق الحق، ولا هاب أحد من الولاة، والأكابر بل يصدعهم بالحق لا يهاب أحداً منهم قال: وهذا الأمر قد انفرد به الآن، ولم يشاركه فيه أحد مع ما هو عليه من الورع، والزهد وعدم قبول هدية ممن لا يتورع في كسبه، وما ثارت فتنة في مصر إلا وكان خمودهاعلى يديه، ولم يزل يصلح بين العلماء والأكابر إذا وقع بينهم تنافر، وتدابر كلامه مقبول عند سائر الناس قال: ولما وقعت الفتنة في مسألة استبدال الأوقاف أقام قاضي العسكر محمد بن الياس، وعارضهم الشيخ نور الدين الطرابلسي كاتبوا فيه للسلطان، فأرسل مرسوماً بشنق الشيخ نور الدين، وكانت نجاته على يد الشيخ محب الدين المذكور، وقيل أن المرسوم، وصل إلى مصر لما مات الشيخ نور الدين وفرغوا من غسله قال الشعراوي: وبلغنا أنه لما صحب الشيخ الكامل محمد الشاذلي المغربي شيخ الجلال السيوطي في التصوف قال له يا محب الدين تكلم، وأمر بالمعروف، وأنه عن المنكر، ولا تخف من أحد، فذلك لم يكن في مصر أحد من العلماء يواجه الباشا، والأمراء والدفاتر بالكلام الجافي المر إلا هو قال: وكذلك صحب سيدي علي المرصفي والشيخ تاج الدين الذاكر، والشيخ أبا السعود الجارحي، وغيرهم، وكانوا كلهم يجلونه، ويعظمونه ويصفونه بالعلم، والصلاح، والورع، والدين انتهى.
والظاهر أن وفاته تأخرت عن وفاة الشعراوي لأنه ذكره في الأحياء وهو من المعمرين رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين.
[محمد الخطيب الشربيني]
محمد الشيخ الإمام العالم العلامة الهمام الخطيب شمس الدين الشربيني القاهري الشافعي. أخذ عن الشيخ أحمد البرلسي. الملقب عميرة، والشيخ نور الدين المحلي، والشيخ نور الدين الطهواني، والشمس محمد بن عبد الرحمن بن خليل النشلي الكردي، والبدر المشهدي، والشيخ شهاب الدين الرملي، والشيخ ناصر الدين الطبلاوي، وغيرهم، وأجازوه بالإفتاء، والتدريس، فدرس، وأفتى في حياة أشياخه، وانتفع به خلائق لا يحصون، وأجمع أهل مصر صلاحه ووصفوه بالعلم والعمل، والزهد والورع، وكثرة النسك والعبادة، وشرح كتاب المنهاج والتنبيه شرحين عظيمين جمع فيهما تحريرات أشياخه بعد القاضي زكريا، وأقبل الناس على قراءتهما، وكتابتهما في حياته وله على الغاية شرح مطول حافل، وكان من عادته أن يعتكف من أول رمضان فلا يخرج من الجامع إلا بعد صلاة العيد، وكان إذا حج لا يركب إلا بعد تعب شديد يمشي كثيراً عن الدابة، وكان إذا خرج من بركة الحاج لم يزل يعلم الناس المناسك، وآداب السفر، ويحثهم على الصلاة، ويعلمهم