علي بن إسرافيل الإمام العلامة الأوحد المفنن الفهامة، علي جلبي قنالي زاده أحد الموالي الرومية المشهورين بالعلم والفضيلة. اشتغل في العلم على جماعة، واتصل آخراً بخدمة ابن كمال باشا، ودرس بإحدى الثماني، وولي قضاء دمشق، فدخلها في غرة ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ولم يتأخر عن السلام عليه أحد إلا شيخ الإسلام الوالد لأنه انقطع عن التردد إلى القضاة وغيرهم، والشيخ علاء الدين بن عماد الدين المذكور قبله، فإنه كان مريضاً مرض الموت، فبادر القاضي إلى زيارة الشيخ الوالد في بيته، وعيادة الشيخ علاء الدين، ومات الشيخ علاء الدين بعد أيام، فحضر جنازته، وترحم عليه، ثم قرأ على الشيخ الوالد في الحديث، وأخذ عنه، وكان بينهما مطارحات، وكان عالماً متبحراً يميل إلى الأدب والشعر، ولعله أحسن علماء الروم شعراً، وكان يعتقد الشيخ شهاب الدين الطيبي، وأخذ عنه، واستكتب بعض مؤلفاته، وبقي بدمشق قاضياً نحو أربع سنوات، ثم عزل عنها، وأعطي قضاء مصر في ذي القعدة سنة أربع وسبعين وتسعمائة، ثم أعطي قضاء أدرنة، ثم إسلام بول، ثم قضاء العسكريين، ثم تقاعد عنه مقبلاً على مطالعة الكتب، والنظر في العلوم، وألف حاشية على حاشية حسن جلبي على شرح المواقف، وحاشية على حاشية شرح التحرير للسيد الشريف، وحاشية على شرح الدرر، ومن شعره ما أنشده الشيخ الإسلام الوالد:
أرى من صدغك المعوج دالاً ... ولكن نقطت من مسك خالك
فأصبح داله بالنقط ذالاً ... فها أنا هالك من أجل ذلك
فأنشده شيخ الإسلام الوالد:
ذا أصبحت مهتماً بمالك ... وحالك من صروف الدهر حالك
فلا يحظر سوى خير ببالك ... لعل الله يحدث بعد ذلك
ومن شعر علي أفندي:
يا من يقيل عثار العبد بالكرم ... إذا أتاه من الزلات في ندم