كيف القصر والجمع، وكان يكثر من تلاوة القرآن في الطريق، وغيره، وإذا كان بمكة أكثر من الطواف ومع ذلك كان يصوم بمكة والسفر أكثر أيامه، ويؤثر على نفسه كان يؤثر الخمول، ولا يكترث بأشغال الدنيا وبالجملة كان آية من آيات الله تعالى، وحجة من حججه على خلقه اثنى عليه الشعراوي كثيراً، ولم يؤرخ وفاته، وقرأت بخط الشيخ شمس الدين بن داود نزيل دمشق نقلاً عن بعض الثقات أنه توفي بعد العصر يوم الخميس ثامن شعبان سنة سبع وسبعين بتقديم السين فيهما وتسعمائة وهي سنة ميلادي رحمه الله تعالى.
[محمد الزغبي]
محمد الزغبي بضم الزاي وإسكان المعجمة بعدها موحدة كأنه نسبة إلى زغبة، وهي اسم موضع كما في القاموس، العبد الصالح المعتقد المجذوب المشهور بدمشق، كان للناس فيه مزيد اعتقاد، وكان يكاشفهم ويتبركون به، وكان يصف لأمراضهم الصفوة، ويوري لهم بالماء المصفى عن الرماد، فيستعملونها، فيحصل لهم الشفاء، وكان يرشدهم إلى تصفية النفوس، فإن أقواله كانت من هذا القبيل، يتكلم بالشيء، ويوري به عن معنى آخر، ودخل على بعض قضاة القضاة، فقال: السلام عليك يا قاضي الشياطين فغضب فقال: لا تغضب فإن من كان يأخذ الحق، ولا يتجاوز إلى غيره، ويعطي الحق كاملاً ولا يمتنع منه ولا يجيء إليك، وإنما يجيء إليك من يتجاوز غير حقه، أو يمنع حق غيره، وهؤلاء هم الشياطين، وهؤلاء لا يحتاجون إلى القضاء بينهم، ونظر يوماً إلى بعض أئمة بالجامع عند سوقي فقال: توص من الشيخ فإنه إن سكن سكن معه الناس، وإن تحرك تحرك معه الناس، ما أحد يخالفه، واعتقدته بعض مخدرات الأكابر فتزوجها، فأمرها ببيع أمتعتها، فلم تدع شيئاً، ثم كانت تدور معه مجذوبة حاسرة عن وجهها، ويقول للناس هي أمكم مات في حدود الثمانين وتسعمائة.
[محمد الصفدي]
محمد الشيخ الإمام العالم شمس الدين الصفدي القدسي الشافعي الواعظ بجامع الأزهر، كان يحب العزلة عن الناس من صغره، مقبلاً على طلب العلم والعبادة حتى تبحر في العلوم العقلية والشرعية، وطلب طريق القوم فاجتمع بسيدي محمد بن عراق، فأقبل عليه إقبالاً عظيماً، وفرح به أشد الفرح، وكان مجلس وعظه مجلس خير وبركة وخشوع وأدب، وكان له درس عظيم في جامع الأزهر وغيره، مات في حدود التسعين وتسعمائة رحمه الله تعالى.