فنفرت النفس منه بسبب ذلك فإنه أحد أئمة السنة انتهى.
قلت: ولعل بغضه منه بسبب أن الأعاجم يميلون إلى المباحث الدقيقة المعلقة بالعقليات دون المأثورات، وتفسير البغوي غالبه خال من مثل ذلك لا بسبب ما توهمه ابن طولون من ميل إلى بدعة ونحوها، فقد كفاك تزكية الجد له وترجمته بالولاية، وذكره صاحب الشقائق النعمانية قال: وكان رجلاً معمراً وقوراً مهيباً منقطعاً عن الناس، مشتغلاً بنفسه طارحاً للتكلف العاري، وكان حسن المعاشرة للناس يستوي عنده صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، وكان له فضل عظيم في العلوم الظاهرة، وألف حاشية على تفسير البيضاوي، وكان يدرس بمكة فيه وفي البخاري، وتوفي بها في عشري ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة وقال ابن طولون: في عشر ذي القعدة عن نحو أربع وثمانين سنة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة، مستهل ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة رحمه الله تعالى.
[إسماعيل الكردي الياني]
إسماعيل الشيخ الإمام العلامة الكردي الياني الشافعي نزيل دمشق قال والد شيخنا: كان من أهل العلم والعمل والصلاح والورع والمجاهدة والتوكل، صحبني بالدلالة على ابن الشيخ المربي الزاهد سليمان الكردي،، وأقام عنده مدة، ثم حج إلى بيت الله الحرام، وجاور بمكة، وتزوج بامرأة من العمادية، وعاد وهي معه ورزق منها ولداً صالحاً سماه سليمان، وعلمه القرآن، ثم رجع إلى بلاده، وتزوج امرأة أخرى من الأكراد، وعاد إلى دمشق بزوجتيه، ورزق من الأخرى أولاداً، وسكن بهما في بيت من بيوت الشامية الجوانية، وصار يتردد إليه طلبة يشتغلون عليه في المعقولات مع تردده إلي قال: وقرأ بعض المنهاج علي قراءة تحقيق وتدقيق، توفي ليلة السبت خامس جمادى الأولى سنة ست وخمسين وتسعمائة بالطاعون، بعد أن صلى المغرب والعشاء جماعة، وصلي عليه بالجامع الأموي، وتولى تجهيزه ودفنه الخواجا بدر الدين ابن الجاسوس، ودفن بمقبرة باب الصغير، مما يلي الطريق من جهة الشمال، ومن علامة صلاحه أنه استخرج من قبره المحفور له حجر مكتوب عليه يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم. قال والد شيخنا: وأخبرنا خلق من صلحاء الأكراد أن والده من العلماء الكبار في تلك الديار وانتفع به خلق كثير رحمه الله تعالى.