قلت ما بين كلاميهما كما بين مقاميهما، فإن تحسين الظن بالمسلمين أولى من إساءة الظن بهم خصوصاً في مثل ذلك، سافر صاحب الترجمة مع الحاج هو والشيخ أبو الفتح المالكي إلى مكة في شوال سنة إحدى وأربعين وتسعمائة وتوفي في حدود الخمسين وتسعمائة.
[عبد اللطيف الخراساني]
عبد اللطيف بن عبد المؤمن بن أبي الحسن، الشيخ العارف بالله الخراساني الجامي، الأحمدي، الهمداني الطريقة. خرج من بلاده يريد الحج في جم غفير من مريديه، فدخل القسطنطينية في دولة السلطان سليمان، فكرم مثواه هو وأركان دولته قيل: واجتمع به السلطان سليمان، وتلقن منه الذكر، ثم دخل حلب في رمضان سنة أربع وخمسين وتسعمائة، ونزل بالتكية الخسروية، وقرأ بها الأوراد الفتحية على وجه خشعت له القلوب، وذرفت له العيون، وهرع إليه جميع أهل حلب حتى أميرها ودفتر دارها، وصار يتكلم في الطريق ويورد أخبار الصوفية قال ابن الحنبلي: وسألته عن وجه وقوله في نسبة الإحمدي، فقال: هي نسبة إلى جدي مير أحمد أحد شيوخ جام في وقته قال: ونسبي متصل بجرير بن عبد الله البجلي. قال: واستخبرته عن شيخه في الطريق. فقال: إنه حاجي محمد الخبوشاتي، وذكر أنه تلقن الذكر منه، وهو تلقنه من شيخ شاه الإسفرائيني البيدوراني، وهو تلقنه من الشيخ رشيد الدين الإسفرائيني، وهو تلقنه من عبد الله البردشابادي، وهو تلقنه من الشيخ إسحاق الختلاني - بفتح المعجمة وسكون المثناة فوق - وهو تلقنه من السيد علي الهمداني، ونقل ابن الحنبلي عنه فائدة نقلها عن الشيخ رشيد الدين الإسفرائيني أنه كان يقول: إنه صلى الله عليه وسلم يحضر روحه عند قول القائل في الأوراد الفتحية: الصلاة والسلام عليك يا من عظمه الله. وأنه لا يخلو من حضوره بالروح. قال صاحب الترجمة بعد فعل ذلك: ولذلك ترى العادة أن ترفع الأيدي عند قولك: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله إلى قولك: الصلاة والسلام عليك يا من عظمه الله. قال ابن الحنبلي: وقد سألته عن تلقيني الذكر، فلقنني إياه بالتكية الخسروية، وصافحني وأجازني أن ألقن وأصافح، وكتب لي دستور العمل، ولكن بالفارسية لاشتغاله عن التعريب بأهبة السفر، فاستأذنته في تعريبه نظماً ونثراً بحسب ما فيه من منظوم ومنثور له ولغيره، ولو باستعانة بالغير في معرفة معانيه الإفرادية، دون تبديل معانية التركيبية، قال: فأذن