أحمد بن محمود بن عبد الله العلامة أحد موالي الروم، المعروف بابن حامد الدين، فضل في العلم، وتميز حتى حشى على هداية الفقه، وشرح المفتاح للسيد الجرجاني، وتولى مدارس الروم، ثم ولي قضاء حلب، فتعفف عن الرشوة، وكانت سيرته لا بأس بها إلا أنه كان عنده حدة، ومبادرة إلى التعزير حتى مر فقير على سجادته يوم الجمعة، فأوجعه ضرباً، وغضب على نائبه، فباشر ضربه، وعلى كاتبه فعض أذنه، وعزل عن قضاء حلب سنة سبع وستين وتسعمائة.
[أحمد القابوني]
أحمد بن مخزوم، الشيخ العلامة شهاب الدين القابوني الشافعي، كان طويل القامة، عظيم الجثة، جهوري الصوت، وهو مع ذلك ذكي فاضل له جرأة في البحث، وقعقعة في التقرير، وحضر دروس والدي شيخ الإسلام كثيراً، ولازمه في الجامع الأموي والتقوية وغيرهما. واشتغل على الشيخ علاء الدين بن عماد الدين، وقرأ على الشيخ نور الدين الطيبي السنفي، وعلى الشيخ العلامة الورع شهاب الدين كثيراً، وأجازه بإجازة عظيمة يقول فيها:
ومن جملة الطاعات، بل من أهمها ... وأعظمها أيضاً لمن كان يشعر
تعلم علم الفقه في دين ربنا ... وتحريره وهو الصحيح المحرر
لقد كان ممن رامه، وسعى له ... بجد وإخلاص شهاب منور
إمام لبيت ظاهر الفضل بارع ... عفيف شريف النفس عدل منضر
أديب نجيب المعي مهذب ... تقي، نقي، ناسك، متبرر
وذاك شهاب الدين نجل من ح ... وى الفضل زين الدين بالفضل يذكر
خطيب حمى القابون الأعلى بجلق ... بمخزوم أي بالخاء، والزاي يشهر
درس بالكلاسة، وكان لا بأس به في التقرير، وانتفع به الطلبة، وتوفي سنة إحدى وتسعين بتقديم التاء وتسعمائة في ثامن شوال، ودفن بمقبرة باب الفراديس رحمه الله تعالى رحمة واسعة.