كثير من الناس ينسبونه إلى التغفل، ولم يكن كذلك، بل كان فطناً ذكياً، وإنما كان على خلاف ما عليه الناس من التطرف، وكان طويل القامة، عريض الجسد، يلبس الأثواب السابغة، والعمامة الكبيرة الحسنة، وكان البطالون ممن يدعي العلم يلقبونه بالجمل، وربما قيل: جمل المحمل، وكان منجمعاً عن الناس، ملازماً دار الحديث الظاهرية. يتردد الناس إليه في الفتاوي وغيرها، وكان مسموع الكلمة موقراً عند الحكام وغيرهم، وكان يتردد إليه الناس للإصلاح بينهم، وكان طاهر العرض، عفيف النفس، يكرم زائريه، ويضيفهم، ويكف نفسه عما بأيديهم، وكان يستأجر قرية الإصطبل بالبقاع لقربها من وقف الجوهرية هناك، وسافر إلى البقاع مدة لأجل الإستغلال، فكان إذا ذكره حساد معاصريه. وقيل: أين الجمل؟ يقال: في الإصطبل حسداً وغيبة، وهو كان سالماً من مثل ذلك، وكان ينتفع المترددون إليه بكتبه مطالعة عنده، وعارية، واستكتب عدة كتب، ووقف كتبه آخراً، وحج في أواخر عمره، وصحب القطب الهندي وغيره بمكة، وصحب منها كتباً نفيسة، وكانت تبري له الأقلام، ولا يحسن بريها، وكان يكب على المطالعة ليلاً ونهاراً ما لم يكن عنده وارد. وبالجملة كان من أفراد عصره ديناً، وورعاً، وعلماً. توفي في غرة ربيع الثاني سنة سبع بتقديم السين. وتسعين بتأخيرها وتسعمائة، وصلي عليه بالجامع الأموي، وكانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى.
[عمر بن محمد الكفرسوسي]
عمر بن محمد الصالح الواعظ زين الدين ابن شيخ الإسلام شمس الدين الكفرسوسي. أخذ عن والده، وكان له استحضار حسن للأحاديث النبوية والمواعظ. توفي يوم الخميس ثالث عشر ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة رحمه الله تعالى.
[عمر بن الموقع]
عمر بن أبي بكر بن الموقع، القاضي زين الدين الشافعي. أخذ عن الشيخ يوسف العيثاوي، وولده شيخنا، وعن الشيخ إسماعيل النابلسي، وكان يقلده في الهيئة والعمامة واللباس إلا أنه كان قليل البضاعة من العلم. ناب في القضاء بمحكمة الصالحية، ثم بقناة العوني، ثم الكبرى، ثم الباب، ومات يوم الثلاثاء خامس عشري رمضان سنة أربع وتسعين بتقديم التاء المثناة وتسعمائة بدمشق، ومات أخوه القاضي شهاب الدين بالروم في هذا اليوم، وهو من الإتفاق الغريب رحمه الله تعالى.
[عمر بن يوسف الحيسوب الحسني]
عمر بن يوسف، الشيخ الإمام العلامة زين الدين ابن الشيخ العارف بالله تعالى صلاح الدين البعلي، الحنبلي، عرف بابن أبي الحسن الحيسوب الفرضي الفقيه العالم مفتي بعلبك. حضر دروس الوالد، وسمع منه كثيراً، وأجاز