للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتبعوا الحق كما ينبغي ... فإنها الأنفاس معدوده

فأطيب المأكول من نحلة ... وأفخر الملبوس من دوده

توفي - رحمه الله تعالى - يوم الأحد حادي عشر أو ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، ودفن بتربتهم، عند عمه القاضي جمال الدين، بالسفح قبلي الكهف الخوارزمية، ولم يعقب أحداً، ولم يكن له زوجة حين مات.

[محمد بن محمد بن عوض]

محمد بن محمد ابن الشيخ شرف الدين أبي المكارم، حمزة بن عوض، الواعظ المشهور بالديار الرومية، بمنلا عرب الأنطاكي الحنفي، ولقبه ابن طولون زين العرب، كان جده مما وراء النهر من تلاميذ الفاضل التفتازاني، ثم رحل فاستوطن أنطاكية، وبها ولد محمد هذا، وحفظ القرآن في صغره، ثم حفظ الكنز والشاطبية، وغيرهما وتفقه على أبيه وعميه الشيخ حسن والشيخ أحمد فكانا فاضلين، وقرأ عليهما الأصول والقراءات، والعربية، ثم سار إلى حصن كيفا، وآمد، ثم نزل إلى تبريز وأخذ عن علمائها واشتغل هناك سنين، وممن أخذ عنهم بتبريز مولانا مزيد، ثم رجع إلى أنطاكية، وحلب وأقام مدة ووعظ ودرس وأفتى، ثم رحل إلى مكة فحج ثم إلى مصر فأخذ عن الجلال السيوطي وغيره ووعظ بها وأفتى وحصل له قبول تام حتى طلبه قايتباي الملك الأشرف، فدخل عليه ووعظه وألف له كتاباً في الفقه سماه " النهاية " فأحسن جائزته وأكرمه غاية الإكرام، وبقي عنده إلى أن توفي سنة ثلاث وتسعمائة، ثم سافر إلى الروم، ودخل بروسا فأحبه أهلها فأقام عندهم، واشتغل بالوعظ والنهي عن المنكرات، ثم ذهب إلى القسطنطينية فأحبه أهلها، وسمع السلطان أبو يزيد خان وعظه، فمال إليه كل الميل وألف له كتاباً سماه تهذيب الشمائل في السيرة النبوية، وكتاباً آخر في التصوف وخرج معه إلى السفر، وحضر فتح قلعة متون، وكان ثاني الداخلين إليها أو ثالثهم، ثم رجع إلى القسطنطينية، وبقي بها يأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم وكان ينكر على الملاحدة والرافضة، ثم رجع ومعه أهله إلى حلب، فأكرمه ملك الأمراء خير بك جداً، وقرأ عليه والتزم بجميع مصالحه، فمكث ثماني سنين مشتغلاً بالتفسير، والحديث، والوعظ والرد على الملاحدة، والرافضة سيما على طائفة أردبيل، وكانت تلك الطائفة يبغضونه، بحث يلعنونه مع الصحابة في الجامع. قال ابن الحنبلي: واتفق له أن حضر في مجلس وعظه شيعي متسلح من أتباع الإيجي، بعثه شاه إسماعيل إلى الغوري، صاحب مصر، فتوجه إليه وعاد من عنده إلى حلب، فهم بإشهار سيفه فقتله: الحلبيون وحرقوه فتغير الايجي من ذلك، وكاتب الغوري في ذلك، فاضطرب له فإذا محضر خير بك كافل حلب يتضمن إخماد الفتنة، وتسكين غضب الغوري، على الشيخ، ثم بد للغوري فكتب أمراً بخروجه من حلب فاجتمع به خير بك خفية فأخبر به خير بك خفية، فأخبره بما وردت به

<<  <  ج: ص:  >  >>