الله عز وجل، ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم توفي ليلة الثلاثاء سبع عشري ذي القعدة الحرام سنة خمسين وتسعمائة، وصلي عليه في الجامع الأموي، ودفن داخل تربة القلندرية، من باب الصغير ببيت مسقف قديم معد للعلماء، والصلحاء من الموتى، وأوصى أن يلقن بعد دفنه فلقنه أحد السادة الشافعية، وكان يتعبد بمذهب الشافعية رحمه الله تعالى.
[محمد بن محمد الخناجري]
محمد بن محمد الشيخ الإمام العلامة، العمدة الحجة الفهامة، شمس الدين الخناجري والده ديري الأصل الحلبي الشافعي، المعروف والده بابن عجل، كان له يد طولى في الفقه، والفرائض، والحساب، مع المشاركة في فنون أخر، قرأ في النزهة على العلامة جمال الدين ابن النجار المقدسي الشافعي الوفائي، صاحب المنظومة المسماة، بغية الرامض، في علم الفرائض، بحق قراءته لها على مؤلفها ابن الهايم، وقرأها على ابن الحنبلي على ابن الخناجري، وكان صاحب الترجمة، لطيف المحاضرة، حسن المعاشرة، كثير المعاطفة، والممازحة، وخفة الروح، وانشراح الصدر، وكان مع ذلك معتقداً في الصوفية سراً، وذكر ابن الحنبلي أنه كان يسمع الآلات ويقول أنا ظاهري، أعمل بقول ابن حزم الظاهري، وقال: ذلك مرة في حضور الموفق ابن أبي ذر، على لسان المباسطة فقال له: إن من الحزم ترك قول ابن حزم، وذكره شيخ الإسلام الوالد في رحلته فقال: الشيخ الإمام، والحبر البحر الهمام، شيخ المسلمين أبو محمد والد محمد شمس الدين الخناجري الشافعي شيخ الفواضل والفضائل، وإمام الأكابر والأفاضل، بدر الإنارة المشرق لسرى القوافل، وشمس الحقائق التي مع ظهورها النجوم أوافل، له المناقب الثواقب، والفوائد الفرائد، والمناهج المباهج، وله بالعلم عناية تكشف العماية، ونباهة تكسب النزاهة، ودراية تقصد الرواية، ومباحثة تشوق، ومناقبه تروق، مع طلاقة وجه، وتمام بشر، وكمال خلق، وحسن سمت، وخير هدي، وأعظم وقار، وكثرة صمت، ثم أنشد:
ملح كالرياض غازلت الشمس ... رباها وأفتر عنها الربيع