بمحراب، وكان له نظم حسن، ومنه كتاب " العقيدة " في نحو سبعمائة بيت على طريقة السلف، وقد أنكر عليه في بعضها الشيخ العلامة عبد النبي المالكي، وتوفي يوم الأربعاء خامس عشر جمادى الأولى سنة ثمان وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
٢٦٣ - أحمد بن بترس الصفدي: أحمد بن بترس الصفدي، الشيخ العارف بالله تعالى، المكاشف بأسرار غيب الله. كان ظاهر الأحوال بصفد، مسموع الكلمة عند حكامها، وكان الناس يترددون إليه، فيشفع لهم، ويقضي حوائجهم، ويقريهم ويضيفهم، وكان ذا شيبة نيرة، وكان إذا أراد أن يتكلم بكشف يطرق رأسه إلى الأرض، ثم يرفعه وعيناه كالجمرتين يلهث كصاحب الحمل الثقيل، ثم يتكلم بالمغيبات، وكان في بداءته ذا رياضة ومجاهدة، كان له نحل كثير، وكان قبل أن يظهر عليه الحال يمضي إلى النحل ويجتنيه، فإذا جناه لا يأكل من عسله، ولا يلعق يده، واجتمع به الشيخ موسى الكناوي - رحمه الله تعالى - في سنة أربع وعشرين وتسعمائة بصفد، وقصده زائراً فدخل عليه في يوم جمعة، وقبل يده فأمره بالجلوس، فجلس عنده إلى قرب صلاة الجمعة، والخلق ترد عليه ما بين زائر ومتشفع به إلى الحكام، وجائع يقصده للطعام وغير ذلك، ثم ذهب لصلاة الجمعة، ثم عاد بعدها، وجلس عنده إلى انقضاء صلاة العشاء الآخرة، وأضمر أن يبيت عنده تبركاً، قال: فلما انصرف الناس عنه رأيته تجشأ عشر مرات متتابعات، فقلت في نفسي، واعجباً أنا اليوم ملازم له، ولم أره أكل ولا شرب، ثم قلت في نفسي، ربما يكون جشاؤه عن جوع، فبادر، وقال: لا ليس هو عن جوع، ولا عن أكل قال: فقلت له: وإلا عما ذا؟ قال: أرأيت هذا الكلام الذي وقع من الناس في مجلسنا في يومنا دخل مع الروح نهاراً لمصالح المسلمين، فالروح تخرج ليلاً لتختلي بمولاها ومناجاته. قال: فقف شعري وهبته، وطلبت الأذن منه، وانصرفت إلى منزلي.
وذكر أيضاً أنه كان عنده في اليوم الثاني من هذه القصة بعد أن صلى الصبح إماماً به، وبمن عنده وانصرف الناس إلى أشغالهم، وبقي عنده إلى ارتفاع النهار. قال: وإذا أنا بالشيخ تحرك، وقام وقعد، وأرعد وأزبد. قال: فبقيت باهتاً لا أدري ما السبب. قال: ثم جلس الشيخ في مجلسه، واستقبل باب الطبقة، وقال: جوز موز قال: فرفع الستارة شاب مغربي عليه ثوب أبيض نظيف، وعمامة نظيفة بيضاء، فدخل خائفاً مضطرباً يلتفت يميناً وشمالاً، ولم ير الشيخ ورآني فقصدني، ووقع علي وأنا جالس لم أتحرك، ولم أتكلم قال: فأخذت بكتفه