بعده في دمشق مثله في الوعظ، وحسن صوته، وإدراكه لفن النغمة، ورثاه الفاضل الشيخ شهاب الدين ابن التدمري بقصيدة أنشأها بعد الفراغ من الفراغ في صبحته أولها:
مات من كان للنواظر قره ... ولأهل الصلاح كان مسره
مات من كان خادم العلم دهراً ... فلهذا في العلم حصل عمره
سهر الليل في العلوم وسيما ... في حديث النبي أشغل فكره
كم له في الحديث قول صحيح ... شرح الله للأحاديث صدره
ناصر للحديث طول زمانه ... فلهذا قد عزز الله نصره
وله في العلوم قول سديد ... فيه شدد المهيمن أزره
وهي طويلة ونظمها متوسط ومن أبياتها:
ليس من أهل ذا الزمان، ولكن ... آخر المولد المبارك عمره
حافظ حد ربه فلهذا ... حاد عما نهى وتابع أمره
وإذا كان حاضراً بين جمع ... فتراه في الجمع قد صار صدره
وله في مجالس الوعظ قول ... ينفع السامعين في كل كره
إن يعد في الأنام يوماً مريضاً ... بدعاه فيكشف الله ضره
طالما قد دعا على كل نحس ... من ذوي العلم أخمد الله جمره
كم يؤاسي الفقير منه بفضل ... ثم يكفي لسائر الناس شره
إلى أن قال:
فتوفاه ذو الجلال شهيداً ... ليوفيه في القيامة أجره
راح من كف أهله وبنيه ... ومحبيه درة أي دره
يوم موت له بكى الناس حتى ... خلت فوق الثرى من الدمع مطره
قد بكته مجالس الوعظ لما ... غاب عنها وخلد الله ذكره
بلغ الله روحه ما تمنى ... في جنان الرضى بأعلى الأسره
وجزاه الإله خيراً دواماً ... ثم أعلى في جنة الخلد قصره
وحباه بكل روح وريح ... ان ونعمى وغبطة ومسره
وما أحسن قوله فيها:
من يكن ذا نباهة ورشاد ... وسداد فليس يأمن دهره
أعظم الله أجركم في أخيكم ... وكفاه نار الجحيم وحره