وفراغ القلب، وكأن ملازماً لأذان الخروبية السكري سكنه، والإمامة بجامع الحسنات، توفي ليلة الثلاثاء سادس عشر صفر سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة عن نحو تسعين سنة رحمه الله تعالى.
٣٨٧ - حسن العراقي: حسن العراقي نزيل مصر، الشيخ الصالح العابد الزاهد صاحب الأحوال العجيبة، والكشف الصحيح، كان عن طريقه إذا أتاه أحد بشيء من الأثواب النفيسة ويقول هذا نذر لك يا شيخ حسن يقبلها ثم يأخذ السكين فيقطعه قطعاً ثم يخيطها بخيط ومسلة، ويقول: إن العبد إذا لبس الجديد تصير النفس سارقة بالنظر إليه، وتعجب به، فإذا قطعناها تقطع خاطر النفس، وحكى عنه الشيخ عبد الوهاب الشعراوي حكاية عجيبة أخبر بها عن نفسه أنه كان في مبتدأ أمره شاباً من أهل دمشق، وكان ينسج العباء، وكان مسرفاً على نفسه، فجاءه التنبيه من الله تعالى: ما لهذا خلقت، فدخل الجامع الأموي، فوجد شخصاً يتكلم على الكرسي في شأن المهدي وخروجه، فاشتاق إلى لقائه، وصار يدعو الله تعالى في سجوده أن يجمعه بالمهدي، فبيمنا هو ليلة بعد صلاة المغرب في الجامع يصلي السنة إذ دخل عليه شخص عليه عمامة كعمائم العجم، وجبة من وبر الجمال، فجلس خلفه، وحس بيده على كتفه، وقال له: قد استجاب الله تعالى دعاك يا ولدي أنا المهمي، فقال: تذهب معي إلى الدار؟ فذهب معه وقال له: أخل لي مكاناً أنفرد به، فأخلى له مكاناً، فأقام عنده سبعة أيام بلياليها، ولقنه الذكر وقال له: اعلمك وردي تداوم عليه إن شاء الله تعالى تصوم يوماً، وتفطر يوماً، وتصلي كل ليلة، خمسمائة ركعة فكان يصليها خلفه كل ليلة في تلك المدة وكان إذ ذاكأمرد حسن الصورة وكان المهدي يقول له: لا تجلس قط إلا ورائي، فلما انقضت السبعة أيام خرج فودعه، فأخبره أنه سيعمر طويلاً، فكان الشيخ يقول في أواخر عمره: إن سنه مائه وسبع وعشرون سنة، ثم خرج سائحاً، فرحل إلى مكة، ثم إلى اليمن، ثم إلى الهند، ثم إلى السند، ثم إلى الصين، ثم عاد إلى بلاد العجم، ثم سافر إلى بلاد الروم، ثم أقصى المغرب، ثم دخل إلى مصر بعد خمسين سنة في السياحة، فلما دخل إلى مصر وجد أن المشار إليه بها هو سيدي إبراهيم المتولي، فلم يأذن له بدخول مصر، وقال له: اسكن في القرافة، ولا تجتمع بأحد، فأقام في قبة مهجورة عشر سنين تخدمه الدنيا في صورة عجوز تأتيه كل يوم برغيفين وإناء فيه طعام، ولم يكلمها قط، ولم تكلمه ثم استأذن في دخول مصر، فأذن له أن يسكن في بركة القرع، فأقام فيها سنين عديدة، ثم أراد الشيخ عبد القادر الدشطوطي أن يبني له جامعاً هناك، فعارضه. وقال له: أخرج من هذه الحارة، فلم يزل به حتى خرج إلى الكوم المدفون به الآن خارج باب الشعرية بالقرب من بركة الرطلي، وجامع البشيري بمصر، فمكث به سبع سنين،