الغوري في حادثة تعصب الغوري فيها، فعلم الغوري بان الشيخ جاء في ذلك، فأمر البوابين، فوضعوا السلسلة على بابه، فجاء الشيخ وهو راكب على بغلته، فقطع السلسلة بكراسة كانت في يده من غير اكتراث ثم دخل ودخل الناس معه وبالجملة فقد صار أمثل أهل زمانه وأرأس العلماء من أقرانه، ورزق البركة في عمره، وعلمه وعمله، وأعطي الحظ في مصنفاته وتلاميذه حتى لم يبق بمصر إلا طلبته وطلبة طلبته، وقرئ عليه شرحه على البهجة سبعاً وخمسين مرة حتى حرره أتم تحرير، ولم ينقل ذلك عن غيره من المؤلفين، وكانت مؤلفاته " شرح الروض " و " شرح البهجة " و " المنهج " وشرحه يدرسها الناس، ويرجع إليها مدرس كل كتاب منها في حل مشكلاته، وأقرأ شيخ الإسلام الجد في شرحه على الروض وغيره، وراجعه في مواضع منه، فأصلحها، ومؤلفاته كلها حافلة، جليلة، معتبرة، مقبولة فما يتعلق بالفقه منها " المنهج وشرحه " وشرحا البهجة الكبير والصغير، وسماه بالخلاصة، وشرح الروض، وشرح التنقيح ومختصره، وشرحه مختصر أدب القضاء للغزي، والفتاوي وما يتعلق بعلم الفرائض شرحان على الفصول، وشرح الكفاية لابن الهائم، وشرح النفحة القدسية لابن الهائم أيضاً، وما يتعلق بالأول مختصر جمع الجوامع، وشرح المختصر المذكور، وحاشية على شرح جمع الجوامع للمحلي، وقطعة على مختصر ابن الحاجب، وشرح الطوالع في أصول الدين، وما يتعلق بالتفسير حاشية على البيضاوي، ومقدمة في البسملة والحمدلة، وما يتعلق بالقراءات، والتجويد مختصر المرشد للعمادي، وشرح الجزرية، ومختصر قرة العين في الفتح، والإمالة، ومقدمة في أحكام النون الساكنة والتنوين، وما يتعلق بالحديث شرح البخاري والإعلام بأحاديث الأحكام، ومختصر الآداب للبيهقي وشرح الفية العراقي، ومما يتعلق بالتصوف شرح رسالة القشيري، وشرح رسالة الشيخ أرسلان، وما يتعلق بالنحو والتصريف حاشية على ابن المصنف، وشرح الشافية لابن الحاجب، وشرح الشذور لابن هشام، وما يتعلق بالمنطق شرح إيساغوجي، وما يتعلق بالجدل شرح آداب البحث، وما يتعلق بغير ذلك مختصر بنل الماعون، وشرحا المنفرجة كبير وصغير، وديوان خطب، والثبت الذي أثبت فيه مروياته ومجيزيه، فجملة مؤلفاته أحد وأربعون مؤلفاً، وكلها نرويها بالإجازة الخاصة من شيخ الإسلام الوالد بحق أخذها عنه حين كان في طلب العلم بالقاهرة.
وكان صاحب الترجمة معما كان عليه من الاجتهاد في العلم اشتغالاً، واستعمالاً وإفتاءً، وتصنيفاً، ومعما كان عليه من مباشرة القضاء، ومهمات الأمور، وكثرة إقبال الدنيا لا يكاد يفتر عن الطاعة ليلاً ونهاراً، ولا يشتغل بما لا يعنيه، وقوراً، مهيباًَ، مؤانساً، ملاطفاً يصلي النوافل من قيام مع كبر سنه وبلوغه مائة سنة وأكثر، ويقول: لا أعود نفسي الكسل