للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

توجه صاحب الترجمة صحبة العسكر المصري إلى الشام بسبب عصيان قصروه نائبها، فخامر أمير العسكر طومان باي، واتفق مع قصروه على أن يكون سلطاناً، وأمسكوا جماعة من الأمراء، وجعل من الأمراء، وجعل صاحب الترجمة دواداراً كبيراً، ثم توجهوا إلى الديار المصرية، وحاصروا الأشرف جان بلاط، ثم أمسكوه، وتولى السلطنة طومان باي واستمر صاحب الترجمة دواداراً إلى أن وقع بينه وبين طومان باي، فاتفق مع العسكر على أن يركبوا عليه، واختفى هو في حيلة، فهرب السلطان طومان باي ليلة الجمعة مستهل شوال سنة ست وتسعمائة، فتولى السلطنة بعده صاحب الترجمة في يوم عيد الفطر، ولما تسلطن أخذ يتتبع رؤوس الأمراء، وذوي الشوكة، فيقتلهم شيئاً شيئاً، ثم فشا ظلمه ومصادرته للناس في أموالهم حتى صار شيخ الإسلام زكريا يعرض بظلمه في الخطبة، وهو تحت منبره يسمع، ولم يتعظ حتى حصل منه أذية بالغة للبرهان بن أبي شريف عالم مصر يومئذ، ومفيدها بسبب الرجل الذي رمي بالزنا، فأقر بالتهديد والضرب، ثم أنكر، فأفتى ابن أبي شريف بعصمة دمه، وعدم رجمه، فغضب عليه الغوري بسبب ذلك، وعزله من مدرسته التي جددها بالقاهرة وصلب الرجل على باب شيخ الإسلام ابن أبي شريف حتى جزع الناس له، واستعظموا هذا الأمر الشنيع مع مثله، واستمر في منزله لا يخرج منه، والناس يقصدونه في أنواع العلوم إلى أن أزعج الله تعالى الغوري، فأمر العسكر بالتجهيز لحلب، وأشاع أنه يريد الإصلاح بين ملك الروم، وملك شاه إسماعيل الصوفي الخارجي، ثم سافر من تخت ملكه في عاشر ربيع الثاني سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وصحبته الخليفة المتوكل على الله أبو عبد الله محمد العباسي، وقضاة الشرع الأربعة وغيرهم من العلماء، ومشايخ، وستة عشر أميراً مقدماً، فلما دخل غزة شكا إليه أهل القدس ظلم نائبه وغيره، فأهانهم بالطرد والضرب، ثم دخل دمشق في موكب عظيم، ونائب الشام حامل القبة والطير على رأسه على عادة الملوك المتقدمين، ونزل بالمصطبة بوطأة برزة، وشكا إليه أهل حمص وغيرهم ظلم نوابهم، فلم يشكهم، وأقام سبعة أيام، ولم يحضر جمعة ولا جماعة، وتوجه إلى حلب ومعه نواب الشام، وحمص، وحماة، وطرابلس وغيرهم من الأمراء، ولم يقر بحمص ولا زار بها سيدي خالد بن الوليد - رضي الله تعالى عنه - مع أن الطاغية تيمورلنك دخلها لزيارته، وجعل أهلها في غفارته، وعند وصوله إلى حلب جاءه قاصدان من ملك الروم أحدهما قاضي العساكر الروم إيلية ركن الدين بن زيرك، والثاني الأمير قراجا باشا، وأخبراه بوصول ملكهم إلى القيسارية متوجهاً لقتال الصوفي، فخلع عليهما وأكرمهما، وذكر لهما ما يريد من الإصلاح بين السلطان سليم وشاه إسماعيل، وأرسل بذلك إلى السلطان سليم

<<  <  ج: ص:  >  >>