الغوري، وسأل منه أن يكون خاطره عليه. فقال له: يا جلال الدين إن رددت عنك الغوري تعطيني ولدك أبا الحسن يخدمني. قال: نعم، وبعث إليه بأبي الحسن، وكان إذ ذاك شاباً بارعاً فاضلاً، له اشتغال على مشايخ الإسلام، فلما جاء دخل أبو الحسن فقال له: يا أبا الحسن لا تقرأ على أحد، واترك الإشتغال حتى يجيء شيخك من الشام، فامتثل أمره، ثم أن سيدي عبد القادر بعث إلى الغوري، وكان له فيه مزيد اعتقاد، وقال له: هبني ما على جلال الدين من الدين ففعل. فقال له سيدي عبد القادر: اعطه مرسوماً بالبراءة، وأن لا يطالبه أحد ففعل الغوري، ثم انقطع القاضي جلال الدين، وولده الشيخ أبو الحسن لخدمة سيدي عبد القادر الدشطوطي، وعمر الجامع المعروف به بالقاهرة، وكلما أراد أبو الحسن أن يعاود المشايخ في الدروس واستأذن سيدي عبد القادر يقول له لا حتى يجيء شيخك من الشام، فلما قدم شيخ الإسلام الجد رضي الدين الغزي القادري في سنة سبع عشرة - بتقديم السين - وتسعمائة جاء مسلماً على سيدي عبد القادر وكان بينه وبينه قبل ذلك محبة وصحبة قال سيدي عبد القادر: للشيخ أبي الحسن قم يا أبا الحسن هذا شيخك قد جاء من الشام، وسلمه للشيخ رضي الدين وقال له: يا سيدي رضي الدين علم أبا الحسن الكيمياء، وأمر أبا الحسن أن يذهب مع الشيخ، ويلازمه فلازم الشيخ رضي الدين في سكنه ليلاً ونهاراً، وكان يذهب هو وشيخ الإسلام الوالد كل يوم يقرآن الدروس على الشيخ رضي الدين، وعلى غيره من علماء مصر إذ ذاك بأمر الشيخ رضي الدين وإشارته قال والدي: كنت أذهب أنا وأبو الحسن البكري إلى شيخ الإسلام زكريا، وشيخ الإسلام البرهان بن أبي شريف، والشيخ القسطلاني وغيرهم، نقرأ الدروس ونحضر دروسهم، فكان أبو الحسن لا يمكنني من حمل محفظتي، ويحلف علي، ويحملها لمكان شيخ الإسلام الوالد، وكان الشيخ أبو الحسن كلما طالب الشيخ رضي الدين بعلم الكيمياء الذي أمره الدشطوطي بتعليمه يقول له: الشيخ رضي الدين حتى يأتي الأبان وكان الشيخ يربي أبا الحسن، ويهذب أخلاقه، ويعلمه الآداب، ويلقي إليه الفوائد وينهضه في الأحوال، والطاعات، حتى أنس منه الكمال قال له: يوماً يا أبا الحسن أريد منك أن تركب على بغلتك، وتذهب من هذا المنزل إلى جامع الأزهر، وفي إحدى يديك رغيف، وفي الآخرى بصلة، وتأكل من ذلك وأنت راكب حتى تدخل الجامع، ثم تعود إلي ففعل الشيخ أبو الحسن ذلك فلما رجع إلى الشيخ رضي الدين قال له: يا أبا الحسن ما بقت مصر تسعنا وإياك، فمن ثم سافر الشيخ رضي الدين راجعاً إلى الشام واشتهر الشيخ أبو الحسن البكري، وقد تمت فتوحاته، ونمت نفحاته، وصار يتكلم على الناس، ثم صار المدد متصلاً في ذريته إلى الآن، وذكره الشيخ عبد الوهاب الشعراوي في طبقاته. وقال: أخذ العلم عن جماعة من مشايخ الإسلام، والتصوف على الشيخ رضي الدين الغزي وتبحر في علوم الشريعة، من فقه وتفسير