السنة التي ورد فيها حلب أرسل الشيخ علوان إلى الشيخ زين الدين بن الشماع رسالة مبسوطة تشتمل على التنفير من الإجتماع بالكيزواني بألفاظ يابسة لا ينبغي إطلاقها في حق متدين، فقرأها ابن الشماع على غير واحد، ثم توجه ابن الشماع في السنة المذكورة إلى الحج، وجاور، فلما قدم حلب سنة ثمان وعشرين رأى أمر الكازواني في ازدياد، وقد أقبل عليه خلق كثير، فأعرض عن قراءة الرسالة، وخطر له أن يغسلها، ثم خشي أن يكون في غسلها انتقاص لكاتبها، ثم ترجح عنده غسلها فغسلها، ثم توجه الكازواني بعد انسلاخ السنة المذكورة إلى حماة، واجتمع بالشيخ علوان، واعتذر إليه عن أشياء انتقدت عليه، وجدد التوبة، فأذن الشيخ علوان حينئذ في الإجتماع به. قال ابن الشماع: وقد ظهر - ولله الحمد - أنا سبقناه إلى محو الرسالة حساً قبل محوه لها معنى، وفي ذلك برهان ظاهر على أن من أخلص النية، ألهم سلوك الطرائق المرضية، وكان مما كتبه الشيخ علوان إلى ابن الشماع عن الكازواني أنه وقف علينا تائباً، وفي المواصلة راغباً، فحكمنا بالظاهر، والله يتولى السرائر، فإن رأيتم الإجتماع معه أو عنده، فذاك إليكم، وما أريد أن أشق عليكم، وليس يخفى على علمكم الحديث المشهور التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وذكر ابن طولون أن الكازواني دخل من حلب إلى دمشق يوم الجمعة ثاني عشر شعبان سنة....، ونزل بالصالحية قاصداً التوجه إلى الحجاز، وتلقاه بعض الصوفية، وأنزله بالناصرية بسفح قاسيون، وهرعت الناس إليه للسلام عليه. قال: وهو من أعيان المحبين للشيخ محيي الدين بن العربي. قال: وكان تلميذاً للشيخ علي بن ميمون وطرده، ثم سكن حلب، وبنى له بها زاوية، وذكر الشعراوي في طبقاته وقال: أخبرني من لفظه أنه كان في بداءته يمكث خمسة شهور طاوياً لا ينام إلا جالساً، ثم ذكر جملة مما سمعه من كلامه، ثم قال: وكان بدؤ أمره بمدينة حلب، وبنى له النائب تكية عظيمة، واجتمع عليه خلائق لا يحصون، فوقعت فتنة في حلب، فقتل الدفتر دار، وقاضي العسكر يعني قرا قاضي، فقال الناس: إن ذلك باشارة الشيخ يعني الكازواني، فأخرجوه من حلب، ونفوه إلى رودس، فأقام بها ثلاث سنين، ثم رأته يعني في المنام خونة الخاص، وهو يقول لي أن أقيم بمكة، ولا أرجع إلى حلب. فقال: من تكون. قال! الكازواني: فكلمت عليه السلطان سليمان، فأرسل له مرسوماً بأن يسافر إلى مكة، ويقيم بها، وعمرت له خونة هناك تكية. وفيها سماط، فزاحمه أهل مكة، فتركها وسكن في
بيت عند الصفا. قال الشعراوي: وأخبرني أنه لما دخل مكة انقلبت أهلها إليه رجاء أن يتوسط لهم عند السلطان في الأرزاق لأن الخاص مكية كانت تعتقده قال: فثقل علي بذلك، فتظاهرت بالرغبة في الدنيا، وصرت كلما يأتي إلى مكة صدقة أرسلت قاصدي أسألهم أن يعطوني، فإذا أعطوني قلت: هذا يسر وعدته عليهم، فأنكروا علي وتركوني فاسترحت بذلك وراق وقتي للطواف والعبادة. وإلا فأنا بحمد الله تعالى لا أحتاج إلى صدقة أحد لأن عندي ما يكفيني، ويكفي عيالي. عند الصفا. قال الشعراوي: وأخبرني أنه لما دخل مكة انقلبت أهلها إليه رجاء أن يتوسط لهم عند السلطان في الأرزاق لأن الخاص مكية كانت تعتقده قال: فثقل علي بذلك، فتظاهرت بالرغبة في الدنيا، وصرت كلما يأتي إلى مكة صدقة أرسلت قاصدي أسألهم أن يعطوني، فإذا أعطوني قلت: هذا يسر وعدته عليهم، فأنكروا علي وتركوني فاسترحت بذلك وراق وقتي للطواف