للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونوادر الحكم، ومحاسن الأخبار والاثار، فمر به السيد الحسيب النسيب سيدي علي بن ميمون، وهو يعظ بحماة، فوقف عليه، وقال يا علوان عظ من الرأس، ولا تعظ من الكراس، فلم يعبأ به الشيخ علوان، فأعاد عليه القول ثانياً وثالثاً. قال الشيخ علوان: فتنبهت عند ذلك، وعلمت أنه من أولياء الله تعالى. قال: فقلت له يا سيدي لا أحسن أن أعظ من الرأس - يعني غيباً - فقال: بل عظ من الرأس، فقلت: يا سيدي إذاً أمددتموني. قال: افعل، وتوكل على الله. قال: فلما أصبحت جئت إلى المجلس، ومعي الكراس في كمي احتياطاً. قال: فلما جلست فإذا بالسيد في قبالتي. قال: فابتدأت غيباً، وفتح الله تعالى علي، واستمر الفتح إلى الآن، وقرأت بخط الشيخ يونس هذه الحكاية بمعنى ما ذكرت، وقرأت بخطه أن اجتماعه به كان في نهار السبت ثامن عشر شوال سنة أربع وعشرين المذكورة عند توجهه إلى مكة المشرفة في مدرسة تنم بمحلة ميدان الحصا، وأنه قرأ عليه خاتمة التصوف للشيخ تاج الدين السبكي من جمع الجوامع، واستجازه وأجازه قال: واعتذر إلي في الفقه، وقال: لما صرت أطالع كتب الغزالي اشتغلت عنه. قال: وذكر لي أنه لما اجتمع بسيدي علي بن ميمون أمره بمطالعة الإحياء، وقال: كان من تلاميذ شيخنا الإمام تقي الدين البلاطنسي لما كان في حماة قال: وكان شيخنا يثني عليه. انتهى.

وبالجملة فإن سيدي علوان ممن أجمع الناس على جلالته، وتقدمه وجمعه بين العلم والعمل، وانتفع به الناس وبتآليفه في الفقه والأصول والتصوف، وتآليفه مشهورة منها المنظومة الميمية المسماة بالجوهر المحبوك، في علم السلوك، وكتاب مصباح الهداية، ومفتاح الدراية، وفي الفقه وكتاب النصائح المهمة، للملوك والأئمة، وبيان المعاني، في شرح عقيدة الشيباني، وعقيدة مختصرة، وشرحها، ورسالة سماها فتح اللطيف، بأسرار التصريف، على نهج رسالة شيخه التي وضعها في إشارات الجرومية، وشرح تائية ابن الفارض كتبته من خطه، وشرح تائية الشيخ عبد القادر بن حبيب الصفدي، وهو أشهر كتبه، وكتاب مجلى الحزن في مناقبشيخه السيد الشريف أبي الحسن والنفحات القدسية، في شرح الأبيات الشبشترية وهي التي نقلها سيدي أحمد زروق في شرح الحكم العطائية من قوله:

فلا يلتفت في الشيء غيرا فكلما ... سوى الله غير فاتخذ ذكره حصنا

<<  <  ج: ص:  >  >>