ومختصر النهاية لابن الأثير في نحو نصف حجمها وتفسير من سورة عم إلى آخر القرآن وكان مع ما كان عليه من العلم والتحقيق يحب الصالحين ويميل إلى بر الفقراء، وزيارة قبور الأولياء، حتى رحل من حلب إلى بغداد لزيارة أوليائها، وكان له مزيد اعتقاد في سيدي محمد بن عراق، وله قصة في تغسيله، وحمل سريره تقدمت في ترجمته في الطبقة الأولى، ومما اتفق أن تلميذ السيد قطب الدين عيسى المذكور، وهو الشيخ محمد الكيلاني الصوفي التروسي، رآه ذات ليلة في المنام، وحوله جماعة في مكان لطيف قال: فقيل لي إنه القطب ثم غاب عني ساعة فقلت في نفسي إن من شأن القطب أن يغيب عن العين، ويظهر تارة أخرى قال: فظهر لي قال: فجئته صبيحة الرؤيا، وكنت قد انقطعت عنه في يوم أرسل فيه ورائي لأتغدى عنده فلم يمكنني التوجه إليه، فبادر بقوله:
إنك قد انقطعت عنا نهاراً أما ليلاً فلا، وكتب إليه ابن الحنبلي وهو بمكة: ك قد انقطعت عنا نهاراً أما ليلاً فلا، وكتب إليه ابن الحنبلي وهو بمكة:
من محب مشتاق في كل آن ... لأناس مقرهم في الجنان
ذكرهم في مجالس الأنس أغنى ... عن سماع الغنا وذكر الغواني
هو بالتادفي غدا ذا اشتهار ... واقتداء بمذهب النعمان
حلبي ولادة ومقاماً ... قد تسمى أبوه بالبرهان
لشريف وسيد صفوي ... هو للقطب إذ أضاء مدان
بل هو القطب في الوجود فحاول ... دعوة منه لاجتلاب التهاني
نير الوجه صالح ذو علوم ... دونها في جلائها النيران
سار نحو الشمال والروم قدماً ... فبدا القطب طائراً عن عنان
بل بدت شمس فضله كنضار ... وبدت أنجم الهدى كالجمان
ثم نحو الحجاز سار فقلنا ... من نواه فوات نيل الأمان
ورأينا أمراً عجيباً غريباً ... ما رأيناه في قديم الزمان
كان قطب الشمال حساً فأضحى ... إثر ذاك المسير قطب يمان
جمع الله شملنا وأرانا ... وجهه في سلامة وأمان
وغدا نجله السعيد سعيداً ... معرباً عن صلاحه الأصغران
ما مضى للحجاز قوم وزاروا ... حجرة المصطفى الرفيع المكان
صلوات عليه ثم سلام ... دائم ما تعاقب الملوان
وعلى الآل والصحاب جميعاً ... وعن التابعين كل أوان