كان في أوقات الصلاة يصلي من حيث لا يرى، وأنه تغيب صورته لأنه كان من الأبدال، وقال له مرة: شيخ الإسلام شهاب الدين الطيبي إمام الجامع الأموي، وهو بالجامع يا شيخ محمد ما لك لا تصلي فقال: يا سيدي ما في الجامع موضع طاهر فقال له الشيخ الطيبي: كيف تقول ما في الجامع موضع طاهر قال: يا سيدي الشيخ لو كان في الجامع موضع طاهر ما كنت أنت إذا دخلت الجامع تلبس التاسومة، وإذا أردت الصلاة فرشت السجادة، وكان هذا عادة الشيخ تورعاً، فعرف الشيخ أنه أراد ممازحته، والتنكيت عليه فأعرض عنه ومر يوماً على كان الجزار بمحلة القيمرية وكانت تلك محلة الشيخ الطيبي أيضاً، فوجد الشيخ الطيبي واقفاً على الجزار. فقال الزغبي: للجزار يا معلم توص من هذا الشيخ فإنه يتصرف في الألوف من الناس، ويطاوعونه، ولا يتجرأ أحد منهم على مخالفته أن طأطأ رأسه طأطأوا معه، وأن رفع رأسه رفعوا معه، وحكي أنه دخل مرة على بعض القضاة بدمشق فقال: السلام عليك يا قاضي الشياطين، فغضب منه القاضي، فقال له: لا تغضب وأصبر حتى أتبين لك إذا كان لأحد عندي حق، فدفعته إليه، ولم أظلمه منه شيئا، أو كان لي عند أحد حق، فأعطاني حقي أترانا نجيء إليك حتى إذا أراد أحدنا أن يظلم الآخر، أو جحد شيئاً من حقه؟ أو استطال عليه جئنا إليك، فأنت لست بقاضي المحقين، وإنما أنت قاضي المبطلين، والشياطين، فسري عن القاضي، وانبسط معه، وحكى أن بعض القضاة حبسه بالبيمارستان، فابتلي القاضي بالقولنج تلك الليلة، فقيل له: هذا بسبب إساءتك إلى الزغبي، فبعث إلى البيمارستان ليلاً ليخرجه منه، فلما جاءوا إليه قال: لا أخرج أنا في ضيافة سيدي نور الدين الشهيد، والضيافة ثلاثة أيام فلم يخرج منه إلا بالجهد، فلما خرج زال العارض عن القاضي، فاعتقده بعد ذلك، واعتقدته بعض المخدرات، ورغبت في محبته فتزوجها، وسلكت على طريقته، وخرجت عن كل ما تملك، وغلب عليها الجذب، وكانت لا تحتجب، وتذهب معه حينما ذهب مسفرة، وكان هذا من جملة ما انتقد عليه، وحدثني السيد أبو الوفاء بن الحجار قال: دخلت على الزغبي مرة، فقلت لزوجته كيف حالك يا أمي؟ فقالت أعرف حالك أنت، ثم أسأل عن حالي قال: وسأله بعض الناس عن أسفار وجه زوجته فقرأ الآية " والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا " وكانت وفاة زوجته قبله في سنة سبع وسبعين وتسعمائة - بتقديم السين في الأوليين - بقرية حرستا، ودفنت هناك، وحدثني السيد وفاء قال: لما ماتت زوجة الزغبي سمعته يقول تقدمتنا الحاجة، واتسعنا لحزنها ولو تقدمناها ما وسعت حزننا، وحدثني صاحبنا العبد الصالح العارف بالله تعالى أبو بكر الديماسي، وكان أحسن جماعة الزغبي محافظاً على الصلوات في الجماعات، والجمعات، والأوراد والأذكار من البكائين من خشية الله تعالى أن الشيخ محمد الزغبي ما كان يترك الصلاة ولكنه كان يصلي في أماكن لا يطلع الناس عليه فيها، وكان هذا