بشيخ الإسلام الوالد حين كان بالقاهرة سنة اثنتين وخمسين، وكان بديناً سميناً فقال الوالد يداعبه:
الفارضي الحنبلي الرضى ... في النحو والشعر عظيم المثيل
قيل ومع ذا فهو ذو خفة ... فقلت كلا بل رزين ثقيل
واستشهد الشيخ شمس الدين العلقمي بكلامه، في شرح الجامع الصغير، فمن ذلك قوله في معنى ما رواه الدينوري في المجالسة، والسلفي في بعض تخاريجه عن سفيان الثوري قال: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصلاة والسلام لأن تدخل يدك إلى المنكبين في فم التنين خير من أن ترفعها إلى ذي نعمة قد عالج الفقر:
إدخالك اليد في التنين تدخلها ... لمرفق منك مستعد فيقضمها
خير من المرء يرجى في الغنى وله ... خصاصة سبقت قد كان يسنمها
ومن بدائع شعره:
إذا ما رأيت الله للكل فاعلاً ... رأيت جميع الكائنات ملاحا
وإن لا ترى إلا مضاهي صنعه ... حجبت فصيرت المساء صباحا
ومن محاسنه أنه صلى شخص إلى جانبه ذات يوم، فخفف جداً فنهاه فقال: أنا حنفي فقال الفارضي:
معاشر الناس جمعاً حسبماً رسمت ... أهل الهدى والحجى من كل من نبها
ما حرم العلم النعمان في سند ... يوماً طمأنينة أصلاً ولا كرها
وكونها عنده ليست بواجبة ... لا يوجب الترك فيما قرر الفقها
فيا مصراً على تفويتها أبداً ... عد وانتبه رحم الله الذي انتبها
واجتمع به شيخنا القاضي محب الدين الحموي الحنفي بالقاهرة، حين كان بها صحبة محمد أفندي ابن محمد الياس المعروف بجوي زاده، وذكره في رحلته أخبرنا أن الفارضي كتب إليه وهو قاض يفوه يوصيه بأناس من أهاليها يعرفون بأولاد السعد ما صورته مولانا حرسه الله وحماه، وألبسه قوة بفوه كما شرف به حمص وحماه، معروض الفقير أن أولاد السعد لهم خير مطول، وليس إلا على قصد مولانا فيه المعول، ملخصه أو مقتصره وقفيه ادعى شخص يبيعها، وأنه اجتمع بملك ريعها، والمسألة متعلقة بأيتام، ومولانا حسنة هذه الأيام، فمولانا لا يخليهم