ورأس السلاطين الإسلامية، حامي حماها الأحمى، ملك القسطنطينية العظمى، تولى السلطنة بعد موت أبيه السلطان سليم في أواخر سنة ست وعشرين وتسعمائة. خرج الغزالي بدمشق في زمنه، فأرسل إليه عساكره فقتلوه خارجها، ووزر للسلطان سليمان رحمه الله تعالى إبراهيم باشا مدة طويلة، ثم قتله، ثم رستم باشا، ثم علي باشا، ثم محمد باشا، وكان أحسن وزرائه، وبقي وزيراً في زمن ولده السلطان سليم، ثم في زمن ولده السلطان مراد، وكان السلطان سليمان ملكاً مطاعاً مجاهداً يحب العلم والعلماء، ويقف عند الشرع الشريف، وكان يترجم بالولاية عمر السليمانية بالقسطنطينية، وهي أعظم مساجدها وأنورها حكى أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بستانه في المنام، فأشار إليه بتعمير مسجد جامع به، وأراه مكاناً فلما استيقظ من منامه اقتطع جانباً من سراياه منه البستان المذكور، وعمره مسجداً عظيماً شيد بناءه، ووسع فضاءه قيل ووضع محرابه في الموضع الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه، وعمر إلى جانبها المدارس العظيمة أعظمها دار الحديث السليمانية، وكان مصرف ذلك من غنائم رودس، وأمر بتعمير التكية السليمانية بدمشق فعمرت في موضع القصر الأبلق بالوادي الأخضر، وعمر إليها مسجداً جامعاً ومدرسة عظيم شرطها للمفتي بدمشق، وكان ابتداء عمارة التكية، والمسجد في سنة اثنتين وستين وتسعمائة، وكملت هذه العمارة في أوائل صفر سنة سبع وستين وتسعمائة. وولي الإمامة بالمسجد المذكور شيخنا الشيخ زين الدين بن سلطان، والخطابة العلامة عبد الرحمن ابن قاصي القضاة ابن الفرفور، وخطب أول خطبة في يوم الجمعة رابع عشر شعبان سنة سبع وستين وتسعمائة، وحضر الخطبة قاضي القضاة بدمشق حينئذ شمس الدين محمد ابن شيخ الإسلام أبي السعود المفتي، فأعجبته خطبته، وكانت خطبة بليغة فيما يقال: وكان ممن حضر من أعيان الشام محمد بن قيصر، والشيخ سعد الدين الجباوي، وفي ذي القعدة الحرام منها وصل أمر شريف من قبل المرحوم السلطان سليمان صاحب الترجمة إلى دمشق بتعمير قلاع بطريق الحاج الشامي، وتعيين صنجق لكل قلعة، وفي صحبته سباهية ومعلمون وفعول، ومعهم ما يكفيهم من الزاد. واحدة بالقطرانة، وثانية بمعان، وثالثة بذات حج، ورابعة بتبوك، فعمرت كما أمر، وبقي الانتفاع بها إلى الآن، وله المدارس العظيمة بمكة المشرفة وغيرها. ومات في بعض غزواته سنة أربع وسبعين بتقديم السين وتسعمائة، ولما وصل الخبر