قلت: وهو ممن صحبهم شيخ الإسلام الجد من أولياء الله تعالى في طريق الله تعالى كما ذكره في قائمة كتبها بخطه، وكانت وفاته يوم الاثنين سادس جمادىالآخرة سنة إحدى عشرة وتسعمائة بمنزله بقنطرة سنقر. قال الشيخ عبد الوهاب في الطبقات الوسطى: ودفن قريباً من باب القرافة وقبره ظاهر يزار - رحمه الله تعالى -.
١٢٧ - محمد الصيداوي: محمد الشيخ الفاضل العالم المفنن شمس الدين الصيدواي. كان عالماً بعلم النغمة، وله فيه مصنفات، وكان له فيه ملكة تامة، وانتفع به خلق كثير. توفي بدمشق سادس عشري القعدة سنة إحدى عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
١٢٨ - محمد الدلجي: محمد الشيخ الصالح الزاهد، العارف بالله تعالى سيدي محمد الدلجي المصري. كان مقيماً بتربة خارج باب القرافة يقصد للتبرك والزيارة، وزاره سيدي محمد بن عنان، وقبل رجله، وكان يلبس القلنسوة من غير عمامة، ويجلس على تخت من جريد، وكان مع ذلك مهيباً وقوراً. مات في سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، ودفن بالقرافة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة.
١٢٩ - محمد المحرقي: محمد الشيخ الإمام العالم أبو الفضل محب الدين بن المحرقي خطيب الجامع الأزهر بمصر، وهو أحد الخطباء الذين أمرهم السلطان قانصوه الغوري أن يخطبوا بين يديه كل واحد في جمعة، وسبب ذلك أن بعض القضاة أراد أن يشارك قاضي قضاة الشافعية في خطبة القلعة بمصر، وكانت الخطبة إذ ذاك تختص بقضاة الشافعية، وكان قضاة الشافعية يومئذ البرهان القلقشندي، وكان يستنيب في الخطابة الشيخ شهاب الدين الحمصي، وكان السلطان تعجبه خطبته على خطبة قاضي القضاة المستنيب له، فاتفق أن الشيخ شهاب الدين الحمصي مرض وانقطع عن الخطبة، فخطب قاضي القضاة المذكور أول جمعة في رجب سنة ثلاث عشرة وتسعمائة والخطبة الثانية، فارسل السلطان إليه أن لا يخطب إلا الشيخ شهاب الدين الحمصي، فقيل له: إنه مريض، فقال السلطان: يخطب القاضي الحنفي جمعة، والمالكي جمعة، والحنبلي جمعة، وخطباء البلد كل جمعة إلى أن يبرأ الحمصي، وكان ذلك موافقا لما أراده بعض القضاة المتقدم ذكره، فبرأ الحمصي قبل يوم الجمعة، فحضر الخطيب وخطب، وحضر قاضي القضاة السري بن الشحنة للخطبة، فسبق وقفل عليه باب القلعة، فدخل على السلطان واستأذن في الخطابة في الجمعة الآتية، فأذن، فلما كان يوم الجمعة وهي رابع جمعة في رجب المذكور، فكانت حادي عشرية، طلع القلعة قاضي القضاة الحنفية المشار إليه، وتعمم بعمامة سوداء، وألقى على رأسه وكتفيه طرحة سوداء، فعلق طرفها بالحصير، فسقطت عمامته عن رأسه فلبسها، ثم صعد المنبر وخطب، وانتقدت عليه تكلفات