فارفع من جانبي حتماً لجانبكم ... وخفض عيشي من جدواك منتظر
فكتب إليه الأفندي مجيباً وملتمساً:
نظم من السيد الشيخ الإمام أتى ... كالنجم ملتمعاً والدر منتشراً
علومه لجة لا غرو إن قذفت ... من خطة عنبراً من لفظه دررا
كماله غير محصور، وليس يرى ... من يبتغي المدح إلا العي والحصرا
أفاد حتماً بتفضيل الإمام أبي ... حيان أحياه من أحيا الورى وبرى
إن الشهاب دخان مظلم فإذا ... دانى الأثير غداً نجماً يضي ويرى
يرى الشهاب إذا أهدى مناقشة ... على الأثير وفي إعرابه سطرا
كقيم الباغ قد يهدي لسيده ... برسم خدمته من باغه الثمرا
لكن على الحضرة العليا يعرض إذ ... أمر على خاطر المملوك قد خطرا
إن تخرج الشمس من أبحاثه وعلى ... الإنصاف يلقى عليه البحث والنظرا
عسى يحصل من تحقيق سيدنا ... فوائد تحتوي الأوضاع والغررا
ثم الروي تفاءلنا بفتحته ... منا لنا، ولكم والفتح والظفرا
فكتب كل منهما رسالة اختار فيها عشرة أبحاث بين الشيخين، وسمى الوالد رسالته العقد الثمين، في المناقشة بين أبي حيان والسمين، وكتب فيها اثنى عشر بحثاً، ثم أرسلها إلى الأفندي، وكتب إليه معها:
بحر طما وحلا واستخرج الدررا ... عقداً يرصف منظوماً ومنتثرا
وامتد جعفر فضل للسوي به ... يحيى ربيع رباع أو خصيب برا
وفاح عرف جنان أمطرت سحراً ... منه فأنعش قلباً كان مستعرا
بنفحة منه أولى مثل ثانية ... من نفحة الصور يحيى خاطر فترا
والعبد يفخر إن مولاه كاتبه ... أدى الأمانة عنه واقتفى أثرا
ثم الولا أثره مستلزم وكفى ... ومن علي يواليه فقد نصرا
والعبد ممتثل مرسوم سيده ... في جمع عشرة أبحاث له سطرا
مما أثارته أفكار الأثير وقد ... بث الشهاب من قدحه شررا
وأنت حاكمها الترضي حكومته ... وإنما العدل والإنصاف منه يرى
وأنت حاكم هذا العصر سيده ... فاحكم بفكرك في العصر الذي غبرا
فبحر فضلك لا تحصى عجائبه ... وروض فكرك يؤتي الزهر والثمرا
لا زلت قدرك مرفوعة وقولك ... متبوعاً وحلمك مسموعاً على الكبرا