والمغنّين، وهجير الصّادرين والواردين، ووسيلة المكدّين، وطراز أوراد المؤذّنين وبطائقة البطالين، ونحن نجتزئ منه بنبذ من بعض الأغراض تدل على ما وراءها، إن شاء الله. فمن ذلك في غرض النّسيب: [الكامل]
دنف تستّر بالغرام طويلا ... حتى تغيّر رقّة ونحولا
بسط الوصال فما تمكّن جالسا ... حتى أقيم على البساط دليلا
يا سادتي، ماذا الجزاء «١» فديتكم ... الفضل لو غير الفتى ما قيلا
قالوا تعاطى الصّبر عن أحبابه ... لو كان يصبر للصّدود قليلا
ما ذاق إلّا شربة من هجرنا ... وكأنّه شرب الفرات شمولا
أيقول: عشت وقد تملّكه الهوى؟ ... لو قال متّ لكان أقوم قيلا
حلف الغرام بحبّنا وجمالنا ... إن لم يدعه ميّتا فعليلا
إنّ الجفون هي السّيوف وإنما ... قطعت فلم تسمع لهنّ صليلا
قل للحبيب ولا أصرّح باسمه ... ماذا الملال وما عهدت ملولا
بيني وبينك ذمّة مرعيّة ... أتراك تقطع حبلها الموصولا؟
ولكم شربت صفاء «٢» ودّك خالصا ... ولبست ظلّا من رضاك ظليلا
يا «٣» غصن بان بان عنّي ظلّه ... عند الهجير فما وجدت مقيلا
اعطف على المضنى الذي أحرقته ... في نار هجرك لوعة وغليلا
فارقته فتقطّعت أفلاذه ... شوقا وما ألفى إليك سبيلا
لو لم يكن منك التّغيّر لم يسل ... بالناس لو حشروا إليه قبيلا
يا راحلا عني بقلب مغضب ... أيطيق قلبي غضبة ورحيلا؟
قل للصّبا: هيّجت أشجان الصّبا ... فوجدت يا ريح القبول قبولا
هل لي رسول في الرياح؟ فإذا «٤» من ... فارقته بعث النسيم رسولا؟
يا ليت شعري، أين قرّ قراره؟ ... يا قلب، ويك أما وجدت دليلا؟
إن لم يعد ذاك الوصال كعهدنا ... نكّلت عيني بالبكا تنكيلا
وقال نسيبا ومدحا: [الكامل]
أعدى عليّ هواه خصم جفونه ... ما لي به قبل ولا بفنونه