وإنما ائتلفا من بعد ما اختلفا ... معنى بشين ومن نزر ومن بلد
ثم يتصل بالحسن العادي البديع، وهو على قسمين، خمس من محكم الكدان في نهاية الإبداع والإحكام، يتّصل به بناء قديم محكم، ويستقبل الملعب، العيدي، ما بين ذنابي الجسر إلى جدار الرابطة، وملعب بديع الشكل، عن يمينه جناح بديع، عن ميدانه عدوات النهر، وعن يساره الجنّات، ويفضي بعد انتهائه إلى الرّابطة، إلى باب القصر المنسوب إلى السّيد «١» ، وسيأتي ذكره؛ ويرتفع من هذا النهر الزّلال جداول، تدور بها أعداد من الأرحيّ لا نظير لها استعدادا وإفادة.
[فصل]
وتركب ما ارتفع من هذه المدينة من جهاتها الثلاث، الكروم البديعة، طوقا مرقوما، يتصل بما وراءها من الجبال، فتعمّ الرّبى والوهاد، وتشمل الغور والنّجد، إلّا ما اختصّ منها بالسّهل الأفيح، متّصلا بشرقي باب إلبيرة، إلى الخندق العميق، وهو المسمّى «بالمشايخ» ، بسيط جليل، وجوّ عريض، تغمى على العدّ أمراجه ومصانيعه، تلوح مبانيها، ناجمة بين الثّمار والزيتون، وسائر ذوات الفواكه، من اللّوز والإجاص والكمثرى، محدقة من الكروم المسحّة، والرياحين الملتفّة، ببحور طامية تأتي البقعة الماء؛ ففيها كثير من البساتين والرّياض، والحصون، والأملاك المتّصلة السكنى، على الفصول؛ وإلى هذه الجهة يشير الفقيه القاضي، أبو القاسم بن أبي العافية، رحمه الله، في قصيدة، يجيب بها عروس الشعراء، الأديب الرّحّال أبا إسحاق السّاحلي، وكان ممّن نيطت عليه بهذا العهد، التّمائم:[الكامل]
يا نازحا لعب المطيّ بكوره ... لعب الرّياح الهوج بالأملود
ورمت به للطّية القصوى التي ... ما وردها لسواه بالمورود
هلّا حننت إلى معاهدنا التي ... كنت الحليّ لنحرها والجيد؟
ورياض أنس بالمشايخ «٢» طارحت ... فيه الحمائم صوت سجع العود
ومبيتنا فيها وصفو مدامنا ... صفو المودّة لابنة العنقود