وأعدده ما امتدّت حياتك غائبا ... أو عاتبا إن لم تزر زرناه
أو نائما غلبت عليه رقدة ... لمسهد لم تغتمض عيناه
أو كوكبا سرت الرّكاب بنوره ... فمضى وبلّغنا المحلّ سناه
فمتى تبعد والنفوس تزوره ... ومتى تغيب والقلوب تراه
يا واحدا عدل الجميع وأصلحت ... دنيا الجميع ودينهم دنياه
طالت أذاتك بالحياء كرامة ... والله يكرم عبده بأذاه
لشهادة التّوحيد بين لسانه ... وجنانه نور يرى مسراه
وبوجهه «١» سيما أغرّ محجّل ... مهما بدا لم تلتبس سيماه
وكأنما هو في الحياة سكينة ... لولا اهتزاز في النّدى يغشاه
وكأنّه لحظ العفاة توجّعا ... فتلازمت فوق الفؤاد يداه
أبدى رضى الرحمن عنك ثناؤهم ... إنّ الثّناء علامة لرضاه
يا ذا الذي شغف القلوب به ... وذا لا ترتجيه وذاك لا تخشاه
ما ذاك إلّا أنه فرع زكا ... وسع الجميع بظلّه وحناه
فاليوم أودى كلّ من أحببته ... ونعى إلى النفس من ينعاه
ماذا يؤمل في دمشق مسهد ... قد كنت ناظره وكنت تراه؟
يعتاد قبرك للبكا أسفا بما ... قد كان أضحكه الذي أبكاه
يا تربة حلّ الوزير ضريحها ... سقاك بل صلّى عليك الله
وسرى إليك ومنك ذكر ساطع ... كالمسك عاطرة به الأفواه
عبد الرحمن بن عبد الملك الينشتي «٢»
يكنى أبا بكر، أصله من مدينة باغة «٣» ، ونشأ بلوشة، وهو محسوب من الغرناطيين.
حاله: كان شيخا يبدو على مخيّلته النّبل والدّهاء، مع قصور أدواته. ينتحل النّظم والنثر في أراجيز يتوصّل بها إلى غرضه من التصرّف في العمل.