لله الذي أقرّ الحقّ في نصابه، واسترجعه من أيدي غصّابه، حمدا يجمع شمل النّعم، ويلقحها كما تلقح الرياح الدّيم، فشنّفوا الأسماع بهذه البشائر، واملئوا الصّدور بما يرويه لكم من أحاديثها كل وارد وصادر، فهو الفتح الذي تفتّحت له أبواب السماء، وعمّ الخير واليمن به بسيطي الشّرق والماء؛ فشكر الله عليه، فرض، في كل قطر من أقطار الأرض.
دخل غرناطة، مرتادا، ومتعلما، ومجتازا.
مولده: ببرشانة بلده، عام خمسين وخمسمائة.
وفاته: توفي بمراكش في شهر رجب «١» الفرد من عام ثمانية عشرة وستمائة، رحمه الله.
[محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد الهمداني]
من أهل وادي آش، يكنى أبا القاسم ويعرف بابن البرّاق «٢» .
حاله: قال ابن عبد الملك «٣» : كان محدّثا حافظا، راوية مكثرا، ثقة ضابطا «٤» ، شهر بحفظ كتب كثيرة من الحديث وغيره، ذا نظر صالح في الطّبّ «٥» ، أديبا بارعا، كاتبا بليغا، مكثرا لجيّده «٦» ، سريع البديهة في النظم والنثر، والأدب أغلب عليه. قال أبو القاسم ابن المواعيني: ما رأيت في عباد الله أسرع ارتجالا منه.
مشيخته: روى «٧» عن أبي بحر يوسف بن أحمد بن أبي عيشون، وأبي بكر بن زرقون، وابن قيد «٨» ، وابن إبراهيم بن المل، وابن النّعمة وصحبه «٩» ، ولقيه بمرّاكش، ووليد بن موفق، وأبي عبد الله بن يوسف بن سعادة، ولازمه أزيد من ست سنين وأكثر عنه، وابن العمرسي، وأبي العباس بن إدريس، والخرّوبي، وتلا عليه بالسّبع،