تزهر لعرب الفحص، وبنى مدينة وادي آش لبني سامي، وبنى مدينة منتيشة لبني عطاف، وبنى مدينة بسطة لبني قحطبة وبني مسيرة، وبنى كورة جيّان للعرب. ولولا أن الله منّ على العرب بسوّار ونصره لما أبقى العجم والمولدون منهم أحدا. وأنسل سوّار عبد العزيز المقتول بمنتشافر، وعبد الرؤوف وعبد الملك.
[مبدأ أمره وحروبه وشعره:]
قال أحمد بن عيسى، بعد اختصار، في صدر هذه السنة، يعني سنة خمس وسبعين ومائتين: ثار «١» سوّار بن حمدون بناحية البراجلة من كورة إلبيرة، وانضوت إليه العرب، قام على تفئة مهلك يحيى بن صقالة «٢» أميرهم، قتيل المسالمة والمولّدين، فطلب بثأره، وكثرت أتباعه، واعتزت العرب به، وقصد بجمعه إلى منت شاقر «٣» ، وبه من عدوّه المذكورين نحو من ستة آلاف رجل «٤» نازلهم حتى قهرهم، وطاف على حصونهم فافتتحها، وقتل وغنم، وتنادوا لقتاله في جموع عظيمة، عليها جعد بن عبد الغافر، عامل الأمير عبد الله، وبرز إليهم فيمن برز، وناشبهم الحرب، فانهزموا فقتل منهم خلق حرزوا بسبعة آلاف، وأسر جعد، ومنّ عليه وأطلقه. وكانت وقيعته الأولى هذه تعرف بوقيعة جعد. وغلظ، واستند إلى حصن غرناطة، بالقرب من مدينة إلبيرة. وكانت العرب يتألبون على المولّدين، إلى أن عزل الأمير جعدا عن الكورة إرضاء لسوّار، فأظهر عند ذلك الطاعة، وغزا الحصون الراجعة إلى ابن حفصون فأوقع بهم، فهاجمهم، واجتمعت عليه كلمتهم، فقصدوه وحصروه بغرناطة في نحو عشرين ألفا، وبرز إليهم في عدده القليل من عبيده، ورجال بيوتات العرب من أهل إلبيرة، ورجعوا من جبل الفخّار على تعبئة، يريدون الباب الشرقي من غرناطة، وكادهم لما التحمت الحرب وشبّ ضرامها، بما دبّره من انسلاله في لخمة من فرسانه، حتى استدبرهم، فحمل بشعاره، فانذعروا وانفضّوا، فتوهّم حماتهم أن مددا جاءهم من ورائهم، فولّوا منهزمين، وأعمل سوّار وأصحابه السيوف فيهم إلى باب إلبيرة، فيقال: إن قتلاهم في هذه الوقيعة الثانية كانوا اثني عشر ألفا، وهي الوقيعة المعروفة بوقعة المدينة، ولاذ المولّدون بعد هذا بعمر بن حفصون واستدعوه،