للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عزيز بأنفسنا أن نرى ... ركابك مؤذنة بارتحال

وقد خبرت منك خلقا كريما ... أناف على درجات الكمال

وفازت لديك بساعات أنس ... كما زار في النّوم «١» طيف الخيال

فلولا «٢» تعلّلنا أننا ... نزورك فوق بساط الجلال

ونبلغ فيك الذي نشتهي «٣» ... وذاك على الله سهل «٤» المنال

لما فترت أنفس من أسى ... ولا برحت أدمع في انهمال

تلقّتك حيث احتللت السّعود ... وكان لك الله في «٥» كلّ حال

[ومن ترجمة الأعيان والوزراء والأماثل والكبرا]

[عبد الحق بن عثمان بن محمد بن عبد الحق بن محيو]

يكنى أبا إدريس، شيخ الغزاة بالأندلس.

حاله: كان شجاعا عفيفا تقيّا، وقورا جلدا، معروف الحقّ، بعيد الصّيت. نازع الأمر قومه بالمغرب، وانتزى بمدينة تازي، على السلطان أبي الرّبيع، وأخذ بها البيعة لنفسه. ثم ضاق ذرعه، فعبر فيمن معه إلى تلمسان. ولما هلك أبو الربيع، وولي السلطان أبو سعيد، قدّم للكتب في شأنه إلى سلطان الأندلس، وقد تعرّف عزمه على اللحاق، ولم ينشب أن لحق بألمرية من تلمسان، فثقّف بها؛ قضاء لحقّ من خاطب في شأنه. ثم بدا للسلطان في أمره، فأوعز لرقبائه في الغفلة عنه، وفرّ فلحق ببلاد النصري «٦» فأقام بها، إلى أن كانت الوقيعة بالسلطان بغرناطة، بأحواز قرية العطشا على يد طالب الملك أمير المسلمين أبي الوليد، وأسر يومئذ شيخ الغزاة حمّو بن عبد الحق، وترجّح الرأي في إطلاقه وصرفه، إعلانا للتّهديد، فنجحت الحيلة، وعزل عن الخطّة، واستدعي عبد الحق هذا إليها، فوصل غرناطة، وقدّم شيخا على الغزاة.

ولما تغلّب السلطان أبو الوليد على الأمر، واستوسق له، وكان ممن شمله أمانه، فأقرّه مرءوسا بالشيخ أبي سعيد عثمان بن أبي العلاء برهة. ثم لحق بأميره المخلوع