حاله: كان فاضلا، متخلقا، أديبا، شاعرا، صوفيا، جميل العشرة، حسن الخلق، كريم العهد، طيّب النفس. كتب عن الأمراء بإفريقية، ونال حظوة، ثم شرّق وحجّ، ولقي جلّة، ووصل الأندلس عام ثمانية عشر وسبعمائة، فلقي بغرناطة حفاية، وانسحبت بها عليه جراية، ثم انصرف إلى وطنه، وناله به اعتقال، ثم تخلّص من النّكبة، وأقام به، يزجى وقته إلى آخر عمره.
وجرى ذكره في «الإكليل الزاهر»«٢» : كاتب الخلافة، ومشعشع الأدب المزري «٣» بالسّلافة، كان، يرحمه الله، بطل مجال، وربّ رويّة وارتجال، قدم على هذه البلاد وقد نبا به وطنه، وضاق ببعض الحوادث عطنه، فتلوّم بها تلوّم النسيم بين الخمائل، وحلّ بها «٤» محل الطّيف من الوشاح الجائل، ولبث مدة إقامته تحت جراية واسعة، وميرة «٥» يانعة. ثم آثر قطره، فولّى وجهه شطره، واستقبله دهره بالإنابة، وقلّده خطّة الكتابة، فاستقامت «٦» حاله، وحطّت رحاله. وله شعر أنيق، وتصوّف وتحقيق، ورحلته «٧» إلى الحجاز سببها «٨» في الخبر وثيق، ونسبتها «٩» في الصالحات عريق.
شعره: نقلت من خطّ الوزير أبي بكر بن ذي الوزارتين، مما قيّد عنه، وكان خبيرا بحاله «١٠» : [الطويل]
رضى نلت ما ترضين «١١» من كلّ ما يهوى ... فلا توقفيني «١٢» موقف الذلّ والشّكوى
وصفحا عن الجاني المسيء لنفسه ... كفاه الذي يلقاه من شدّة البلوى