للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض أخباره مع المنصور ومحاورته الدّالة على جلالة قدره:

قال ابن خميس: حدّثني خالي أبو عبد الله بن عسكر أن الكاتب أبا عبد الله بن عيّاش، كتب يوما كتابا ليهودي، فكتب فيه، ويحمل على البرّ والكرامة. فقال له المنصور: من أين لك أن تقول في كافر، ويحمل على البرّ والكرامة؟ فقال: ففكّرت ساعة، وقد علمت أن الاعتراض يلزمني، فقلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم كريم قوم، فأكرموه، وهذا عام في الكافر، وغيره. فقال: نعم هذه الكرامة، فالمبرة أين أخذتها؟ قال: فسكتّ ولم أجد جوابا. قال: فقرأ المنصور: «أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم» «١» لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ

«٢» . قال: فشهدت بذلك، وشكرته.

شعره: من شعره «٣» : [الطويل]

بلنسية، بيني عن العليا «٤» سلوة ... فإنك روض لا أحنّ لزهرك

وكيف يحبّ المرء دارا تقسّمت ... على صارمي «٥» جوع «٦» وفتنة مشرك؟

وذكره الأديب أبو بحر صفوان بن إدريس في «زاد المسافر» عند اسم ابن عيّاش، قال: اجتمعنا في ليلة بمرّاكش، فقال أبو عبد الله بن عيّاش: [البسيط]

وليلة من ليالي الصّفح قد جمعت ... إخوان صدق ووصل للدهر مختلس «٧»

كانوا على سنّة الأيام قد بعدوا ... فألّفت بينهم لو ساعد الغلس

وقال من قصيدة: [الكامل]

أشفارها أم صارم الحجّاج؟ ... وجفونها أم فتنة الحلّاج؟

فإذا نظرت لأرضها وسمائها ... لم تلف غير أسنّة وزجاج