فحلف أبو بكر بن سعيد ألّا يزيد أحدهما على الآخر في هجوه كلمة، فقال المخزومي: أكون هجّاء الأندلس وأكفّ عنها دون شيء؟ فقال: أنا أشتري منك عرضها فاطلب، فقال: بالعبد الذي أرسلته فقادني إلى منزلك، فإنه ليّن القدّ رقيق الملمس «١» . فقال أبو بكر: لولا أنه صغير كنت أبلّغك فيه مرادك، وأهبه لك؛ ففطن لقصده، وقال: أصبر عليه حتى يكبر، ولو كان كبيرا ما آثرتني على نفسك؛ فضحك أبو بكر وقال: قد هجوت نثرا، وإن لم تهج نظما، فقال: أيها الوزير، لا تبديل لخلق الله. وانفصل المخزومي بالعبد بعدما أصلح بينه وبين نزهون.
وقال يمدح القاضي بغرناطة أبا الحسن بن أضحى «٢» ، رحمهما الله «٣» :
عجبا للزمان يطلب هضمي «٤» ... وملاذي منه عليّ بن أضحى
جاره قد سما على النّطح عزّا ... ليس يخشى من حادث الدهر «٥» نطحا
فكأنّي علوت قرن فلان ... أيّ تيس مطوّل القرن ألحى
فقال له ابن أضحى: هلّا اقتصرت على ما أنت بسبيله، فكم تقع في الناس؟
فقال: أنا أعمى وهم حفر فلا أزال أقع فيها، فقال: فأعجبني كلامه على قبحه.
وحديث مقامه بغرناطة يقتضي طويلا.
وفاته: قال أبو القاسم بن خلف، كان حيّا بعد الأربعين وخمسمائة.
[أصبغ بن محمد بن الشيخ المهدي]
يكنى أبا القاسم؛ عالم مشهور.
حاله: كان محقّقا بعلم العدد والهندسة، مقدّما في علم الهيئة والفلك وعلم النجوم، وكانت له مع ذلك عناية بالطّب.