مصقعا، منقطع القرين في عصره، منفردا عن النّظير في مصره، عزيزا، أنوفا، فاضلا، صالحا، خيّرا، شريف النفس، منقبضا، وقورا، صموتا، حسن المعاشرة، طيب المحادثة.
مشيخته: حدّث عن والده الشيخ الراوية أبي عبد الله، وعن الأستاذ ابن يربوع. ولقي بإشبيلية الأستاذ أبا الحسن الدبّاج، ورئيس النحاة أبا علي الشّلوبين، وغيرهما.
شعره: ومن شعره، وإن كان غير كثير، قوله:[الخفيف]
شرّد النوم عن جفونك وانظر ... كلمة توقظ النفوس النّياما
فحرام على امرئ يشاهد ... حكمة الله أن يلذّ المناما
وقوله:[الرمل]
ليس للمرء اختيار في الذي ... يتمنّى من حراك وسكون
إنّما الأمر لربّ واحد ... إن يشا «١» قال له: كن فيكون
وفاته: توفي في المحرم من عام ستين وستمائة، ودفن بمقبرة باب إلبيرة.
وحضر جنازته الخاصة والعامة، السلطان فمن دونه، وكلّ ترحّم عليه، وتفجّع له.
حدّثني حافده شيخنا، قال: أخرج الغالب بالله، يوم وفاته، جبّة له، لبسته مرفوعة، من ملفّ أبيض اللون، مخشوشنة، زعم أنها من قديم مكسبه من ثمن مغنم ناله، قبل تصيّر الملك إليه، أمر ببيعها، وتجهيزه من ثمنها، ففعل، وفي هذا ما لا ما مزيد عليه من الصّحة والسلامة، وجميل العهد، رحم الله جميعهم.
يوسف بن علي الطرطوشي، يكنى أبا الحجاج «٢»
حاله: من «العائد» : كان، رحمه الله، من أهل الفضل والتواضع، وحسن العشرة، مليح الدّعابة، عذب الفكاهة، مدلّا على الأدب جدّه وهزله، حسن الخط، سلس الكتابة، جيّد الشعر، له مشاركة في الفقه وقيام على الفرائض. كتب بالدار السلطانية، وامتدح الملوك بها، ثم توجّه إلى العدوة، فصحب خطة القضاء عمره، مشكور السيرة، محفوفا بالمبرّة.