دخوله غرناطة: احتلّ بغرناطة عام أحد وخمسين وخمسمائة، لما استدعى أهل جهات ألمريّة، السيّد أبا سعيد إلى منازلة من بها النصارى؛ وحشد، ونزل عليها، ونصب المجانيق على قصبتها، واستصرخ من بها الطاغية «١» ، فأقبل إلى نصرهم؛ واستمدّ السيد أبو سعيد الخليفة، فوجّه إليه الكبير أبا جعفر بن عطية صحبة السيد أبي يعقوب ابنه، فلحق به، واتّصل الحصار شهورا سبعة، وبذل الأمن لمن كان بها، وعادت إلى ملكة الإسلام، وانصرف الوزير أبو جعفر صحبة السيد أبي يعقوب إلى إشبيلية، وجرت أثناء هذه أمور يطول شرحها؛ ففي أثناء هذه الحركة دخل أبو جعفر غرناطة، وعدّ فيمن ورد عليها.
مولده: بمرّاكش عام سبعة وعشرين وخمسمائة «٢» .
وفاته: على حسب ما تقدّم ذكره، لليلة بقيت من صفر سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة «٣» .
[أحمد بن محمد بن شعيب الكرياني]
من أهل فاس، يكنى أبا العباس، ويعرف بابن شعيب من كريانة، قبيلة من قبائل الرّيف الغربي.
حاله: من «عائد الصّلة» : من أهل المعرفة بصناعة الطب، وتدقيق النظر فيها، مشاركا في الفنون، وخصوصا في علم الأدب، حافظا للشعر؛ ذكر أنه حفظ منه عشرين ألف بيت للمحدثين، والغالب عليه العلوم الفلسفية، وقد مقت لذلك، وتهتّك في علم الكيمياء، وخلع فيه العذار، فلم يحل بطائل، إلّا أنه كان تفوّه بالوصول شنشنة المفتونين بها على مدى الدهر. وله شعر رائق، وكتابة حسنة، وخط ظريف.
كتب في ديوان سلطان المغرب مرئسا، وتسرّى جارية روميّة اسمها صبح، من أجمل الجواري حسنا، فأدّبها حتى لقّنت حظّا من العربية، ونظمت الشعر، وكان شديد الغرام بها، فهلكت أشدّ ما كان حبّا لها، وامتداد أمل فيها، فكان بعد وفاتها لا يرى إلّا في تأوّه دائم، وأسف متماد، وله فيها أشعار بديعة في غرض الرّثاء.
مشيخته: قرأ في بلده فاس على كثير من شيوخها، كالأستاذ أبي عبد الله بن أجروم نزيل فاس، والأستاذ أبي عبد الله بن رشيد، ووصل إلى تونس، فأخذ منها الطبّ والهيئة على الشيخ رحلة وقته في تلك الفنون، يعقوب بن الدرّاس.