ما كان ضرّكم الإخلاص لو طبعت ... تلك النفوس على علياء أو أدب
أشبهتم الدّهر لمّا كان والدكم ... فأنتم شرّ أبناء لشرّ «١» أب
عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن أحمد ابن علي السّلماني «٢»
والد المؤلف، رضي الله عنه، يكنى أبا محمد، غرناطي الولادة والاستيطان، لوشي الأصل، ثم طليطليّه، ثم قرطبيّه.
أوليته: كان سلفه يعرفون بقرطبة ببني وزير، وهم بها أهل نباهة، وبيتهم بيت فقه وخيريّة وماليّة، ونجارهم نجار فرسان يمانيّة. ولمّا حدث على الحكم بن هشام الوقيعة الرّبضيّة، وكان له الفلج، وبأهل الرّبض الدّبرة، كان أعلام هذا البيت من الجالية أمام الحكم، حسبما امتحن به الكثير من أعلام المشيخة بها، كالفقيه طالوت، ويحيى بن يحيى، وغيرهما «٣» ، ولحقوا بطليطلة، فاستقرّوا بها، ونبا بهم وطنهم، ثم حوّموا على سكنى الموسّطة، وآب إلى قرطبة قبلهم بعد عهد متقادم، ومنهم خلف وعبد الرحمن، وقد مرّ له ذكر في هذا الكتاب. وولّي القضاء بالكورة. ومنهم قوم من قرابتهم تملّكوا منتفريد «٤» ، الحصن المعروف الآن بالمنعة والخصب، وتمدّن فيهم، وبنيت به القلعة السّامية، ونسب إليه ذلك المجد، فهم يعرفون ببلدنا ببني المنتفريدين. واستقرّ منهم جدّنا الأعلى بلوشة خطيبا وقاضيا بالصّقع ومشاورا «٥» ، وهو المضاف إلى اسمه التّسويد بلوشة عرفا كأنه اسم مركّب، فلا يقول أحد منهم في القديم إلّا سيّدي سعيد. كذا تعرّفنا من المشيخة، وإليه النّسبة اليوم، وبه يعرف خلفه ببني الخطيب، وكان صالحا فاضلا، من أهل العلم والعمل. حدّثني الشيخ المسنّ أبو الحكم المنتفريدي، وقد وقفني على جدار برج ببعض أملاكنا بها، على الطّريق الآتية من غرناطة إلى لوشة، ثم إلى غيرها، كإشبيلية وسواها، فقال: كان جدّك يسكن بهذا البرج كذا من فصول العام، ويتلو القرآن ليلا، فلا يتمالك المارّون على الطّريق، أن يقربوا إصغاء لحسن تلاوته