حاله: من أهل الخير والصّلاح والأتباع، مفتوح عليه في طريق الله، نيّر الباطن والظاهر، مطّرح التصنّع، مستدلّ، مجانب للدنيا وأهلها، صادق الخواطر، مرسل اللسان بذكر الله، مبذول النصيحة، مثابر على اتّباع السّنّة، عارف بطريق الصوفيّة، ثبت القدم عند زلّاتها؛ ناطق بالحكمة على الأميّة؛ جميل اللقاء، متوغّل في الكلف بالجهاد، مرتبط للخيل، مبادر للهيعة، حريص على الشهادة، بركة من بركات الله في الأندلس، يعزّ وجود مثله.
وفاته: توفي، رحمه الله، ببلده غرناطة، يوم الخميس الثاني والعشرين لجمادى الثانية من عام خمسة وستين وسبعمائة؛ وشارف الاكتهال.
أحمد بن الحسن بن علي بن الزيّات الكلاعي «١»
من أهل بلّش مالقة «٢» ، يكنى أبا جعفر، ويعرف بالزيّات، الخطيب، المتصوّف الشهير.
حاله: من «عائد الصلة» : كان جليل القدر، كثير العبادة، عظيم الوقار، حسن الخلق، مخفوض الجناح، متألّق البشر، مبذول المؤانسة، يذكّر بالسّلف الصالح في حسن شيمته وإعراب لفظه، مزدحم المجلس، كثير الإفادة، صبورا على الغاشية، واضح البيان، فارس المنابر غير مدافع، مستحقّ التصدّر في ذلك بشروط قلّما كملت عند غيره؛ منها حسن الصورة، وكمال الأبّهة، وجهوريّة الصوت، وطيب النّغمة، وعدم التّهيّب، والقدرة على الإنشاء، وغلبة الخشوع، إلى التفنّن في كثير من المآخذ العلمية، والرياسة في تجويد القرآن، والمشاركة في العربية، والفقه، واللغة، والأدب، والعروض، والمحاسّة «٣» في الأصلين، والحفظ للتفسير.
قال لي شيخنا أبو البركات بن الحاجّ، وقد جرى ذكر الخطابة: ما رأيت في استيفائها مثله. كان يفتح مجالس تدريسه أكثر الأحيان، بخطب غريبة، يطبّق بها مفاصل الأغراض، التي يشرع في التكلّم فيها، وينظم الشعر دائما في مراجعاته ومخاطباته، وإجازاته، من غير تأنّ ولا رويّة، حتى اعتاده ملكة بطبعه؛ واستعمل في السّفارة بين الملوك، لدحض السّخائم، وإصلاح الأمور، فكانوا يوجيون حقّه، ويلتمسون بركته، ويلتمسون دعاءه.