للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوافاهم في جيش عظيم، ودخل إلبيرة، وناهض سوّارا، وعنده رجالات عرب الكور الثلاث؛ إلبيرة وجيّان، وريّه، واشتدّ القتال، وجال جيش ابن حفصون جولة جرح فيها جراحات صعبة، وكاد سوّار يأتي عليه لولا رجال صدقوه الكرّ واستنقذوه، وتمّت عليه الهزيمة، فانقلب على عقبه، ونالت الحضرة معرّته، فأغرم أهلها الذين استجلبوه ما تشعّث من عسكره، واستعمل عليهم قائده حفص بن المرّة، وانصرف، ونجح سوّار بما تهيّأ له على أعدائه، فاعتلت همّته، وأجلّته العرب، وعلا في الناس ذكره، وقال الأشعار الجزلة فيما تهيّأ له على المولدين، وأكثر الافتخار بنفسه، فشهر، من قوله في ذلك «١» : [الكامل]

صرم الغواني، يا هنيد، مودّتي ... إذ شاب مفرق لمّتي وقذالي

وصددن عنّي، يا هنيد، وطالما ... علقت حبال وصالهنّ حبالي «٢»

وهي طويلة، أكثر فيها الفخر، وألمّ بالمعنى.

وفاته: ولما انصرف عمر بن حفصون وترك قائده بإلبيرة، جهّز معه طائفة من خيله، وأقرّه لمغاورة سوّار ودرك النيل لديه، وأعمل حفص جهده وطلب غرّته، فأمكنه الله منه، وأنه دنا إليه يوما، وقد أكمن أكثر خيله، وظهر له مستغيرا بجانب من حصنه، فخرج سوّار مبادرا من غرناطة لأول الصّيحة في نفر قليل، لم يحترس من الحيلة التي يحذرها أهل الحزم، فأصحر لعدوه، وخرجت الكمائن من حوله، فقتل وجيء بجثّته إلى إلبيرة، فذكر أن الثّكالى من نسائهم قطّعن لحمه مرقا، وأكلنه حنقا لما نالهنّ من الثّكل. وكان قتل سوّار في سنة سبع وسبعين ومائتين، وقتلت العرب بقتل سوّار، وكلّ حدّها بما نزل بها.

سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر لدين الله الخليفة بقرطبة «٣»

المكنى بأبي أيوب، الملقب من الألقاب الملوكية بالمستعين بالله.