أبو الوليد بن رشد الأجر، وتجشّم المجاز «١» ، ولحق بالأمير علي بن يوسف بن تاشفين بمرّاكش، فبيّن له أمر الأندلس، وما منيت «٢» به من معاهدها، وما جنوه عليها من استدعاء الرّوم، وما في ذلك من نقض العهد، والخروج عن الذّمة، وأفتى بتغريبهم، وإجلائهم عن «٣» أوطانهم وهو أخفّ ما يؤخذ به من عقابهم؛ وأخذ بقوله، ونفّذ بذلك عهده، وأزعج منهم إلى برّ العدوة، في رمضان من العام المذكور، عدد جمّ، أنكرتهم الأهواء، وأكلتهم الطرق، وتفرّقوا شذر مذر، وأصاب كثير من الجلاء جمعتهم من اليهود؛ وتقاعدت بها منهم طائفة، هبّت لها بممالأة بعض الدول ريح، فأمّروا وأكثروا إلى عام تسعة وخمسين وخمسمائة، ووقعت فيهم وقيعة احتشّتهم، إلّا صابة «٤» لهذا العهد قليلة، قديمة المذلّة، وحالفت الصّغار. جعل الله العاقبة لأوليائه.
[ذكر ما ينسب إلى هذه الكورة من الأقاليم التي نزلتها العرب بخارج غرناطة، وما يتصل بها من العمالة]
فصل فيما اشتمل عليه خارج المدينة من القرى والجنّات والجهات
قال المؤلّف رحمه الله: ويحفّ «٥» بسور هذه المدينة المعصومة بدفاع الله تعالى، البساتين العريضة المستخلصة، والأدواح الملتفّة، فيصير سورها من خلف ذلك كأنّه من دون سياج كثيفة، تلوح نجوم الشّرفات «٦» أثناء خضرائه، ولذلك ما قلت فيه في بعض الأغراض «٧» : [الكامل]
بلد تحفّ «٨» به الرّياض كأنّه ... وجه جميل والرّياض عذاره
وكأنّما واديه معصم غادة ... ومن الجسور المحكمات سواره
فليس تعرى عن جنباته من الكروم والجنّات جهة، إلّا ما لا عبرة به مقدار غلوة، أما ما حازه السّفل من جوفيه، فهي عظيمة الخطر، متناهية القيم، يضيق جدّه