وقال لي بعضهم: جرى بين ابن حسّان هذا، وبين أحد بني علّاق، وهم أعيان، كلام وملاحة، فقال ابن حسان: إنما كان جدّكم مولى بني أضحى، وجدّ بني مشرف، فاستعدى عليه، ورفعه إلى الوزير ابن الحكيم فيما أظن، فلما استفهمه عن قوله، قال: أعزّك الله، كنت بالكتبيين، وعرض عليّ كتاب قديم في ظهره أبيات حفظتها وهي:[البسيط]
أضحى الزمان بأضحى وهو مبتسم ... لنوره في سماء المجد إشراق
فلم يزل ينتمي للمجد كل فتى ... تطيب منه مواليد وأعراق
فإن ترد شرفا يمّم مشرّفه ... وإن ترد علق مجد فهو علّاق
فعلم الوزير أن ذلك من نظمه، ونتيجة بديهته، فعجب من كفايته، وترضّى خصمه، وصرفهما بخير. وتوفي في شهر رجب ثلاثة عشر وسبعمائة.
محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم ابن موسى بن إبراهيم بن عبد العزيز بن إسحاق بن أحمد ابن أسد بن قاسم النّميري، المدعو بابن الحاج
يكنى أبا عمرو، وقد مرّ ذكر أخيه.
حاله: تولّى خطّة الإشراف بلوشة وأندرش ومالقة. وولّي النظر في مختص ألمريّة، والأعشار الرومية بغرناطة. وكان له خط حسن، وجودة كاملة، وحسن خلق، ووطأة أكناف تشهد له بجلالة قدره، ورفيع خطره. وضاهر في أعيان كالوزير أبي عبد الله بن أبي الحسن، فاضل، سريّ، متخلّق، حسن الضريبة، متميّز بخصال متعددة، من خطّ بديع، ونظم، ومشاركة في فنون، من طبّ وتعديل، وارتياض سماع، وذكر التاريخ. حجّ وجال في البلاد، ولقي جلّة. وتولّي بالمغرب خططا نبيهة علية. ثم كرّ إلى الأندلس عام ستين وسبعمائة، فأجرى من الاستعمال على رسمه.
ثم اقتضت له العناية السلطانية بإشارتي، أن يوجه في غرض الرسالة إلى تونس وصاحب مصر، لما تقدّم من مرانه على تلك البلاد، وجولاته في أقطارها، وتعرّفه بملوكها والجلّة من أهلها، فآب بعد أعوام، مشكور التصرّفات، جاريا على سنن