أوّليّته: ذكر الأستاذ ابن الزّبير في «صلته» وغيره، أن قوما بغرناطة يعرفون بهذه المعرفة، فإن كان منهم، فله أوّليّة لا بأس بها.
حاله: كان من شيوخ كتّاب الشّروط معرفة بالمسائل، واضطلاعا بالأحكام، وانفرد بصحّة الوثيقة، باقعة «١» من بواقع زمانه، وعيّابة «٢» في مشايخ قطره، يألف النّادرة الحارّة في ملاء من النّوك والغفلة، فلا يهتزّ لموقع نادرة، ولا يضحك عقب عقد صرعة، لقلقه غير ما مرة، غير مجلس من مجالس القضاء من بني مسعود المزراة أحكامهم، المرميّة بتهكّمه وإزرائه، فتقتّع «٣» في طريق حكمهم خطى منفسحة، غير مكترث بهوانه، ولا غاصّ بلسانه. وربما قال لبعض الوزعة «٤» من قادته بمحبسه، وقد توقّفوا به في بعض الطريق، توقّعا لسكون غضب قاضيهم، ابعثوا بعضهم إلى هذا المحروم، لنرى ما عزم عليه، بكلام كثير الفتور والاستكانة، له في هذا الباب شهرة.
ذكر بعض نزعاته: حدّثني ملازمه، وقف عليه، أبو القاسم بن الشيخ الرئيس أبي الحسن بن الجيّاب، وقد أعمل والده، رحلة إلى مالقة لزيارة شيخه الذي تلمذ له، وشهر بالتشيّع فيه، أبي عبد الله السّاحلي، صاحب الأتباع والطريقة، وكان مفرط الغلوّ فيه، واستصحب ولده الصغير، فسأله عن سفر أبيه وسعيه، فقال: نعم، واحتمل أخي، فقال: أظنه منذر ولد كان غير مغتطس، فحمله الشيخ، فغطّسه، واستغرب كلّ من حضر ضحكا، فلم يبتسم هو كأنه لا شعور عنده بما ذهب إليه، فكانت إحدى الطّوام عند الشيخ.
وحدّثني، قال: جاءت امرأة تخاصم ميّارا «٥» ، أوصلها من بعض المدن، في أمر نشأ بينهما، وبيده عقد، فقال بعض جيرانه، من نصّه حاكيا:«وأنه جامعها من موضع كذا إلى كذا» ولم يرسم المدّ على ألف «جا» ، فقال الشيخ للمرأة: أتعرفين أن هذا الميّار جامعك في الطريق أي فعل بك، فقالت: معاذ الله، ونفرت من ذلك،